نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 510
شَيْءٍ حَفِيظٌ} أي: يحفظ أعمال العباد حتى يجازيهم عليها. وقيل: يحفظني من شركم ومكركم. وقيل: حفيظ من الهلاكِ إذا شاء، ويهلك إذا شاء.
قوله: {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا} أي: عذابنا، وهو ما نزل بهم من الريحِ العقيمِ، عذَّبهم الله بها سبع ليال، وثمانية أيَّام، تدخلُ في مناخرهم وتخرجُ من أدْبَارهم وتصرعهم على الأرض على وجوههم حتى صارُوا {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] .
{نَجَّيْنَا هُوداً والذين آمَنُواْ مَعَهُ} وكانُوا أربعة آلاف «بِرَحْمَةٍ مِنَّا» بنعمة مِنَّا. وقيل: المراد بالرحمة: ما هداهُم إليه من الإيمان. وقيل: المرادُ أنَّهُ لا ينجو أحد، وإن اجتهد في الإيمان والعمل الصالح إلاَّ برحمةٍ من الله تعالى.
ثم قال: {وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} فالمرادُ بالنَّجاةِ الأولى: هي النَّجَاةُ من عذاب الدُّنيا، والنَّجاةُ الثانية من عذاب القيامةِ.
والمرادُ بقوله: «ونَجَّيْنَاهُم» أي: حكمنا بأنَّهُم لا يستحقون ذلك العذاب الغليظ.
ولما ذكر قصة عاد خاطب قوم محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} وهو إشارة إلى قبورهم وآثارهم كأنه قال: سِيحُوا في الأرض فانظرُوا إليها واعتبروا.
قوله: «جَحَدُوا» جملةٌ مستأنفة سيقت للإخبار عنهم بذلك، وليْسَتْ حالاً ممَّا قبلها، و «جَحَدَ» يتعدَّى بنفسه، ولكنه ضُمِّنَ معنى «كَفَر» ، فيُعدَّى بحرفه، كما ضمَّن «كَفَر» معنى «جَحَدَ» فتعدَّى بنفسه في قوله بعد ذلك: «كَفَرُوا ربَّهُمْ» .
وقيل: إنَّ «كَفَر» ك «شَكَر» في تعدِّيه بنفسه تارةً وبحرفِ الجر أخرى.
واعلم أنَّه تعالى وصفهم بثلاث صفاتٍ.
الأولى: قوله: {جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} أي: جحدوا دلائل المعجزات على الصِّدقِ، أو حجدُوا دلائل المحدثات على وجودِ الصانع الحكيمِ.
والثانية: قوله: {وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ} ومعناه: أنهم إذا عصوا رسُولاً واحداً؛ فقد عصوا جميع الرُّسُلِ لقوله: {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} [البقرة: 258] .
والثالثة: قوله: {واتبعوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} والمعنى: أنَّ السَّفلة كانُوا يقلدون الرؤساء في قولهم {مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} [المؤمنون: 33] .
وتقدَّم اشتقاقُ «الجبّار» [المائدة: 22] . والعَنِيدُ والعَنُود والمُعَاند: المنازع المعارض قاله أبو عبيدٍ وهو الطَّاغي المتجاوزُ في الظُّلم من قولهم: «عَنَدَ يَعْنِد» إذا حاد
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 510