نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 505
قَوْمِهِ} [هود: 25] في عطف مرفوع على مرفوع ومجرور، كقولك: ضرب زيدٌ عمراً، وبكرٌ خالداً وليس من باب ما فُصِل فيه بين حرفِ العطفِ والمعطوفِ بالجارِّ والمجرور نحو: «ضَرَبْتُ زيداً، وفي السُّوق عَمْراً» فيجيءُ الخلافُ المشهورُ.
وقيل: بل هو على إضمار فعلٍ، أي: وأرْسَلْنَا هوداً، وهذا أوفق لطولِ الفصلِ.
و «هوداً» بدلٌ أو عطفُ بيان لأخيهم.
وقرأ ابنُ محيصنٍ «يَا قَوْمُ» بضم الميم، وهي لغةُ بعضهم يبنُون المضاف للياء على الضَّم كقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ احكم} [الأنبياء: 112] بضمِّ الياء، ولا يجوز أن يكون غير مضافٍ للياءِ كما سيأتي في موضعه إن شاء الله.
وقوله: {مِّنْ إله غَيْرُهُ} تقدّضم في الأعراف.
فصل
كان هود أخاهم في النسب لا في الدِّين؛ لأنه كان من قبيلةِ عادٍ، وهم قبيلةٌ من العربِ بناحية اليمنِ، كما يقالُ للرَّجُلِ: يا أخا تميم، ويا أخا سليمٍ، والمرادُ رجلٌ منهم.
فإن قيل: إنَّه تعالى قال في ابن نُوح {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46] فبيَّن أنَّ قرابة النَّسبِ لا تفيدُ إذا لم تَحْصُلْ قرابةُ الدِّين، وههنا أثبت هذه الأخوة مع الاختلاف في الدِّين، فما الفرقُ بينهما؟ .
فالجوابُ: أنَّ المراد من هذا الكلام استمالة قوم محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأنَّ قومهُ كانُوا يستبعدُون في محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مع أنَّهُ واحدٌ من قبيلتهم أن يكون رسولاً إليهم من عند الله، فذكر الله تعالى أنَّ هوداً كان واحداً من عاد، وأنَّ صالحاً كان واحداً من ثمود، لإزالة هذا الاستبعاد.
{قَالَ يَاقَوْمِ اعبدوا الله} [الأعراف: 65] وحدُوا الله، ولا تعبدُوا غيرهُ.
فإن قيل: كيف دعاهم إلى عبادةِ قبل إقامةِ الدَّلالة على ثبوت الإله تعالى؟ .
فالجواب: أنَّ دلائل ثُبوتِ وجود الله تعالى ظاهرة، وهي دلائلُ الآفاق والأنفس، وقلَّما تُوجد في الدنيا طائفة ينكرون وجود الإله؛ ولذلك قال تبارك وتعالى في صفة الكفار: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله} [لقمان: 25] .
ثم قال: «إنْ أنتُمْ» ما أنتم «إلاَّ مُفْتَرُونَ» كاذبُون في إشراككم.
ثم قال: {ياقوم لاا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} أي: على تبليغ الرسالة جُعْلاً {إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الذي فطرني} وهذا عينُ ما ذكره نوح - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -.
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 505