نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 498
الشيءُ وفعلتهُ أنا. ومثله فغر الفَمُ وفغرته، ودلع اللسانُ ودلعتهُ، ونَقَصَ الشَّيء ونقَصْتُه، وفعله لازم ومتعد، فمن اللازم قوله تعالى: {وَمَا تَغِيضُ الأرحام} [الرعد: 8] ، أي: تَنْقُص. وقيل: بل هو هنا مُتعدٍّ وسيأتي، ومن المتعدِّي هذه الآيةُ؛ لأنَّه لا يُبْنَى للمفعول من غير واسطة حرف جر إلاَّ المتعدِّ] بنفسه.
والجُودِيُّ: جبلٌ بعينه بالموصل، وقيل: بل كلُّ جبلٍ يقال له جُوديٌّ، منه قول عمرو بن نفيل: [البسيط]
2976 - سُبْحانَهُ ثُمَّ سُبْحَاناً نَعُوذُ بِهِ ... وقَبْلَنَا سَبَّحَ الجُودِيُّ والجُمُدُ
قال شهابُ الدين: ولا أدري ما في ذلك من الدَّلالةِ على أنَّهُ عامٌّ في كلِّ جبلٍ.
وقرأ الأعمش وابنُ أبي عبلة بتخفيف ياء» الجُودِيْ «.
قال ابنُ عطيَّة: وهما لغتان: والصَّوابُ أن يقال: خُفِّفَتْ ياءُ النَّسَب، وإن كان يجوزُ ذلك في كلامهم الفَاشِي.
قوله» بُعْداً «منصوبٌ على المصدر بفعل مقدَّر، أي: وقيل: ابعدُوا بُعْداً، فهو مصدرٌ بمعنى الدعاء عليهم نحو: جَدْعاً، يقال: بَعِد يَبْعَد بَعَداً إذا هلك، قال: [الطويل]
2977 - يَقُولُونَ لا تَبْعَدْ وَهُمْ يَدْفِنُونَهُ ... ولا بُعْدَ إلاَّ ما تُوارِي الصَّفَائِحُ
واللاَّمُ إمَّا أن تتعلق بفعلٍ محذوفٍ، ويكونُ على سبيل البيانِ كما تقدَّم في نحو «سَقْياً لَكَ وَرَعْياً» ، وإمَّا أن تتعلق ب «قيل» ، أي: لأجلهم هذا القول.
قال الزمخشري: ومجيءُ إخباره على الفعل المبني للمفعول للدَّلالة على الجلال والكبرياء، وأنَّ تلك الأمُور العظام لا تكونُ إلاَّ بفعل فاعلٍ قادرٍ، وتكوين مكوِّنٍ قاهرٍ، وأنَّ فاعل هذه الأفعال واحد لا يشاركُ في أفعاله، فلا يذهبُ الوهمُ إلى أن يقول غيره: يا أرضُ ابلعي ماءك، ولا أن يقضي ذلك الامر الهائل إلاَّ هو، ولا أن تستوي السفينة على الجُوديِّ، وتستقر عليه إلاَّ بتسويته وإقرارهِ، ولما ذكرنا من المعانِي والنُّكَث استفصَح عُلماءُ البيانِ هذه الآية، ورقصُوا لها رُءوسَهُم لا لتجانس الكلمتين وهما قوله: «ابلَعِي وأقلعي» ، وذلك وإن كان الكلامُ لا يخول مِنْ حُسْنٍ فهو كغير الملتفتِ إليه بإزاء تلك المحاسن التي هي اللُّبُّ وما عداها قشورٌ.
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 498