نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 388
قال أبو البقاء: ويقرأ بلفظِ الخبر، وفيه وجهان:
أحدهما: أنَّه استفهامٌ في المعنى أيضاً، وحذفت الهمزة للعلم بها وعلى هذا الذي ذكره: يكونُ الإعرابُ على ما تقدَّم، واعلم أنَّك إذا جعلت «ما» موصولة بمعنى: الذي، امتنع نصبُها بفعلٍ مقدَّرٍ على الاشتغال.
قال مكِّي: ولا يجُوزُ أن تكون «ما» بمعنى: الذي، في موضع نصْبٍ لأنَّ ما بعدها صلتها، والصلةُ لا تعمل في الموصول، ولا يكون تفسيراً للعامل في الموصول وهو كلامٌ صحيحٌ؛ فتلخَّص من هذا: أنَّها إذا كانت استفهامية، جاز أن تكون في محلِّ رفع أو نصب، وإذا كانت موصولة، تعيَّن أن يكون محلُّها الرفع بالابتداء، وقال مكي: وأجاز الفرَّاءُ نصب «السِّحْر» فجعل «ما» شرطاً، وينصبُ «السِّحْر» على المصدر، وتضمرُ الفاءُ مع {إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ} ، وتجعل الألف واللام في «السِّحْر زائدتين، وذلك كلُّه بعيدٌ، وقد أجاز عليُّ بن سليمان: حذف الفاءِ من جواب الشَّرط في الكلام، واستدلَّ على جوازه بقوله - تعالى -: {وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] ، ولم يجزه غيره إلاَّ في ضرورة شعر.
قال شهاب الدِّين: وإذا مشينَا مع الفرَّاء، فتكون» ما «شرطاً يُراد بها المصدرُ، تقديره: أيَّ سحر جئتم به، فإنَّ الله سيبطله، ويُبَيِّن أنَّ» ما «يراد بها السحر قوله:» السِّحْر «؛ ولكن يقلقُ قوله:» إنَّ نصب السِّحْر على المصدريَّة «فيكون تأويله: أنَّه منصوبٌ على المصدر الواقع موقع الحال؛ ولذلك قدَّره بالنَّكرة، وجعل» أل «مزيدة فيه.
وقد نُقِلَ عن الفرَّاء: أنَّ هذه الألف واللام للتعريف، وهو تعريف العهد، قال الفرَّاء:» وإنَّما قال «السِّحر» بالألف واللاَّم؛ لأنَّ النَّكرة إذا أعيدتْ، أعيدت بالألف واللاَّم «يعنى: أنَّ النَّكرة قد تقدَّمت في قوله: {إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ} [يونس: 76] ، وبهذا شرحهُ ابنُ عطيَّة.
قال ابن عطيَّة: والتعريف هنا في السحر أرْتَبُ؛ لأنَّه قد تقدَّم منكَّراً في قولهم:» إنَّ هذا لسحرٌ «، فجاء هنا بلام العهد، كما يقال أوَّل الرسالة:» سلامٌ عليك «.
قال أبو حيَّان» وما ذكراه هنا في «السِّحْر» ليس من تقدُّم النكرة، ثُمَّ أخبر عنها بعد ذلك؛ لأنَّ شرط هذا أن يكون المعرَّفُ ب «أل» هو المنكر المتقدَّم، ولا يكون غيره، كقوله - تعالى -: {كَمَآ أَرْسَلْنَآ إلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فعصى فِرْعَوْنُ الرسول} [المزمل: 15، 16] .
وتقول: «زارنِي رجلٌ، فأكرمتُ الرَّجُل» لمَّا كان إيَّاه، جاز أن يُؤتَى بضميره بدلهُ، فتقول: «فأكرمته» ، و «السِّحْر» هنا: ليس هو السحرَ الذي في قولهم: «إنَّ هذا لسحْرٌ» لأنَّ الذي أخبروا عنه بأنَّه سحرٌ، هو ما ظهر على يدي موسى من معجزة العصا، والسِّحْر الذي في قول موسى، إنَّما هو سحرهُم الذي جاؤوا به، فقد اختلف المدلولان، إذ قالوا هم عن معجزة موسى، وقال موسى عمَّا جاؤوا به؛ ولذلك لا يجُوز أن يؤتى هنا بالضَّمير بدل السِّحْر؛ فيكون عائداً على قولهم: لسحْرٌ «.
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 388