نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 356
أكد هذا الدليل بقوله: {هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي: إنه لمَّا قدر على الإحياء في المرَّة الأولى، فإذا أماته، وجب أن يبقى قادراً على إحيائه ثانياً؛ فظهر أمرهُ لنبيه بأن يقول: {إِي وربي إِنَّهُ لَحَقٌّ} .
قوله
- تعالى
-: {يا
أيها الناس قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ} الآية.
اعلم: أنَّه - تعالى - لمَّا بيَّن أنَّ الرسول حقٌّ وصدقٌ بظهور المعجزات على يديه، في قوله: {وَمَا كَانَ هذا القرآن أَن يفترى مِن دُونِ الله} [يونس: 37] إلى قوله {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38] وصف القرآن هنا بصفاتٍ أربع:
أولها: كونه موعظة.
وثانيها: كوه شفاءً لما في الصُّدُور.
وثالثها: كونه هُدًى.
ورابعها: كونه رحمة للعالمين.
قوله: «مِّن رَّبِّكُمْ» يجوز أن تكون «مِنْ» لابتداء الغاية، فتتعلَّق حينئذٍ ب «جَآءَتْكُمْ» ، وابتداءُ الغايةِ مجازٌ، ويجوز أن تكون للتَّبعيض، فتتعلق بمحذوف على أنَّها صفةٌ ل «موعظة» أي: موعظةٌ كائنةٌ من مواعظ ربِّكُم.
وقوله: {مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي الصدور وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} من باب ما عطف فيه الصِّفات بعضها على بعضٍ، أي: قد جاءتكم موعظةٌ جامعةٌ لهذه الأشياء كلِّها، و «شِفَاءٌ» في الأصل مصدرٌ جعل وصفاً مبالغة، أو هو اسمٌ لما يُشْفَى به، أي: يُداوى، فهو كالدَّواءِ لما يُدَاوى، و «لِمَا في الصُّدورِ» يجوز أن يكون صفةً ل «شِفَاء» فيتعلق بمحذوفٍ، وأن تكون اللامُ زائدةً في المفعول؛ لأنَّ العامل فرعٌ إذا قلنا بأنَّه مصدرٌ.
وقوله: «لِلْمؤمنينَ» محتملٌ لهذين الوجهين، وهو من التَّنازُع؛ لأنَّ كلاًّ من الهُدَى والرحمة يطلبُه.
فصل
أمَّا كون القرآن موعظةً؛ فلاشتماله على المواعظِ والقصص، وكونه شفاءً، أي: دواءً، لجهل ما في الصُّدورِ، أي: شفاء لعمى القُلُوب، والصُّدُور موضعُ القلب، وهو أعز موضع في الإنسان لجواز القلب، قال - تعالى -: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور} [الحج: 46] وكونه هُدًى، أي: من الضَّلالة، {وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} ، والرَّحْمَة: هي النعمة على المحتاج؛ فإنَّه لو أهدى ملكٌ إلى ملك شيئاً، فإنَّه لا يقال رحمة وإن كان ذلك نعمة؛ فإنَّه لم يصنعها إلى المحتاج.
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 356