نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 207
عين! أليس بإمام مسجد الضرار؟ فقال له مجمع: يا أمير المؤمنين، لا تعجل عليَّ، فوالله لقد صليتُ فيه، وأنا لا أعلم ما أضمروا عليه، ولو علمتُ ما صلَّيْتُ بهم فيه، كنتُ غلاماً قارئاً للقرآن، وكانوا شُيُوخاً قد عاشوا على جاهليتهم، وكانوا لا يقرءون من القرآن شيئاً، فصلَّيْتُ ولا أحسب ما صنعت إثماً، ولمْ أعلمْ ما في أنفسهم؛ فعذرهُ عمر، وصدَّقه وأمره بالصلاة في مسجد قُبَاء» .
فصل
قال القرطبيُّ «قال علماؤنا: إذا كان المسجد الذي يتَّخذ للعبادة وحضَّ الشارع على بنائه بقوله:» مَنْ بنَى للهِ مسجداً، ولوْ كَمَفْحَصِ قطاةٍ بنى اللهُ لهُ بيتاً في الجنَّةِ «يُهْدم إذا كان فيه ضرر بغيره؛ فما ظنُّك بسواه بل هو أحرى أن يزال ويهدم. كمنْ بنى فرناً أو رحًى أو حفر بئراً، أو غير ذلك ممّا يدخل ضرراً على الغير. والضَّابطُ فيه: أنَّ منْ أدخَلَ ضرراً على أخيه منع، فإن أدخل على أخيه ضرراً بفعل ما كان له فعله في ماله، فأضرَّ ذلك بجاره، أو غير جاره، نظر إلى ذلك الفعل، فإن كان تركه أكبر ضرراً من الضَّررِ الدَّاخل على الفاعل قطع أكبر الضَّررين. مثل من فتح كُوة في منزله يطلع منها على دار أخيه وفيها العيال والأهلُ، ومن شأن النساء في بيوتهن التجرد من بعض ثيابهنّ والانتشار في حوائجهن، ومعلوم أنَّ الاطلاع على العورات محرّم، نهى الشَّارعُ عن الاطلاع إلى العورات فرأى العلماء أن يغلقوا الكُوَّة وإن كان فيها منفعة وراحة؛ لأنَّ ضرر الكُوَّة أعظم من ضرر سدِّها، خلافاً للشافعي، فإنَّ أصحابه قالوا: لو حفر في ملكه بئراً، وحفر آخر في ملكه بئراً يسرقُ منه ماء البئر الأولى جاز؛ لأنَّ كلَّ واحد حفر في ملكه؛ فلا يمنع، ومثله عندهم: لو حفر إلى جنب بئر جاره كنيفاً يفسد عليه ماءه لم يكن له منعه؛ لأنه تصرف في ملكه، والقرآنُ والسُّنَّةُ يردان هذا القول. ومن هذا النوع من الضَّرر الذي منع العلماء منه، دُخان الفرن والحمام وغبار الأندر والدُّود المتولد من الزبل المنشور في الرحاب؛ فإنه يمنع منه ما كثر ضرره وخشي تماديه» .
قوله: « ...
لمَسْجِدٌ ... «فيه وجهان:
أحدهما: أنَّها لامُ الابتداء.
والثاني: أنَّها جوابُ قسمٍ محذوف تقديره: والله لمسجدٌ أسِّسَ، أي: بني أصله على التقوى.
وعلى التقديرين فيكون» لمَسْجِدٌ «مبتدأ، و» أسِّسَ «في محل رفع نعتاً له، و» أحقُّ «خبره. والقائمُ مقام الفاعل ضميرُ المسجد على حذف مضاف، أي: أسِّسَ بنيانه، و» مِنْ أوَّلِ «متعلقٌ به، وبه استدلَّ الكوفيون على أنَّ» مِنْ «تكون لابتداء الغاية في الزمان؛ واستدلُّوا أيضاً بقوله: [الطويل]
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 207