نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 171
ثم قال تعالى: {مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ} فقوله «مِنْ سبيلٍ» فاعلٌ بالجار قبله لاعتماده على النَّفْي، ويجوز أن يكون مبتدأ، والجار قبله خبره. وعلى كلا القولين ف «مِنْ» مزيدةٌ فيه، أي: ما على المحسنين سبيل. والمعنى: أنَّهُ لا إثم عليه بسبب القعود عن الجهاد.
{والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} . قال قتادةُ: نزلت في عائذ بن عمرو وأصحابه. وقال الضحاكُ نزلت هذه الآية في عبد الله ابن أم مكتوم، وكان ضريراً.
فصل
قال بعضهم: في هذه الآية نوعٌ من البديع، يُسمَّى التلميح، وهو أن يشارَ إلى قصةٍ مشهورةٍ، أو مثل سائرٍ، أو شعرٍ نادرٍ، في فحوى كلامك من غير ذكره؛ ومنه قوله: [البسيط]
2829 - اليَوْمَ خَمْرٌ ويبْدُو في غدٍ خبرٌ ... والدَّهْرُ مِنْ بيْنِ إنعامٍ وإبْآسِ
يُشير إلى قول امرئ القيس لمَّا بلغه قتلُ أبيه: «اليوم خَمْرٌ، وغداً أمرٌ» .
وقول الآخر: [الطويل]
2830 - فواللهِ مَا أدْرِي أأحلامُ نَائِمٍ ... ألمَّتْ بِنَا أم كان في الرَّكْبِ يُوشَعُ؟
يشير إلى قصَّة يوشع عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، واستيقانه الشَّمس.
وقول الآخر: [الطويل]
2831 - لَعمرٌو مَعَ الرَّمضَاءِ والنَّارُ تَلتَظِي ... أرَقُّ وأحْفَى مِنْكَ في ساعةِ الكَرْبِ
أشار إلى البيت المشهور: [البسيط]
2832 - المُسْتجيرُ بعمْرٍو عندَ كُرْبتِهِ ... كالمُسْتَجيرِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بالنَّارِ
فكأنه قوله: {مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ} اشتهر ما هو بمعناه بين النَّاس؛ فأشار إليه من غير ذكر لفظه. ولمَّا ذكر أبو حيان التلميح لم يُقَيِّدَهُ بقوله: «من غير ذكره» . ولا بُدَّ منه لأنَّه إذا ذكره بلفظه كان اقتباساً وتضميناً.
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 171