responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير نویسنده : الخطيب الشربيني    جلد : 1  صفحه : 376
هادوا إن استأنفت بقوله تعالى: {ومن الذين} وإلا فللفريقين. وقوله تعالى:
{سماعون للكذب} كرره للتأكيد {أكَّالون للسحت} وهو كل ما لا يحل كسبه وهو من سحته إذا استأصله لأنه مسحوت البركة كما قال الله تعالى: {يمحق الله الربا} (البقرة، 276) والربا باب منه وكانوا يأخذون الرشا على الأحكام وتحليل الحرام، وعن الحسن رحمه الله تعالى: كان الحاكم في بني إسرائيل إذا أتاه أحدهم برشوة جعلها في كمه فأراه إياها وتكلم بحاجته فيسمع منه ولا ينظر إلى خصمه فيأكل الرشوة ويسمع الكذب وعنه صلى الله عليه وسلم «كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به» وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بضم الحاء والباقون بالسكون.
{فإن جاؤك} أي: لتحكم فيهم {فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} هذا تخيير لرسول الله صلى الله عليه وسلم واختلفوا هل نسخ هذا التخيير أم لا؟ فقال أكثر أهل العلم: هو محكم ثابت وليس في سورة المائدة منسوخ، وحكّام المسلمين بالخيار في الحكم بين أهل الكتاب إن شاءوا حكموا وإن شاءوا لم يحكموا بحكم الإسلام وهو قول النخعيّ والشعبيّ وعطاء وقتادة وقال قوم: يجب على حكام المسلمين أن يحكموا بينهم والآية منسوخة نسخها قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} (المائدة، 49) وهو قول مجاهد وعكرمة ومرويّ ذلك أيضاً عن ابن عباس وقال: لم ينسخ من المائدة إلا آيتان قوله تعالى: {لا تحلوا شعائر الله} (المائدة، 2) نسخها قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين} (التوبة، 5) وقوله تعالى: {فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} (المائدة، 42) نسخها قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} (المائدة، 49) ومذهب الشافعيّ رضي الله تعالى عنه أنّ الذمّيين وإن اختلفت ملتهما كيهوديّ ونصرانيّ يجب الحكم بينهما عند الترافع، وكذا الذمي مع المعاهد بخلاف المعاهدين فإنّ الحكم لا يجب بينهما؛ لأنهم لم يلتزموا بأحكامنا ولا التزمنا دفع بعضهم عن بعض فيحمل التخيير على هذا، والآية الأخرى على أهل الذمّة ويعلم من ذلك أنّ الحكم بين الحربيين لا يجب بطريق الأولى ولو ترافع إلينا ذميان في شرب خمر لم نحدّهما وإن رضيا بحكمنا لأنهما لا يعتقدان تحريمه ولو ترافع إلينا مسلم وذمي وجب الحكم بينهما إجماعاً {وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً} بأن يعادوك لإعراضك عنهم فإنّ الله تعالى يعصمك من الناس {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} أي: بالعدل الذي أمر الله تعالى به {إنّ الله يحب} أي: يثيب {المقسطين} أي: العادلين في الحكم وقوله تعالى:
{وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله} استفهام تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به والحال أنّ الحكم منصوص عليه في كتابهم الذي هو عندهم، وتنبيه على أنهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق وإقامة الشرع وإنما طلبوا منه ما يكون أهون عليهم وإن لم يكن حكم الله تعالى في زعمهم {ثم يتولون} أي: يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم {من بعد ذلك} التحكيم وهذا داخل في حكم التعجب فإنه معطوف على يحكمونك {وما أولئك} أي: السعداء من الله {بالمؤمنين} أي: بكتابهم لإعراضهم عنه أوّلاً أو بك وبه.
{إنا أنزلنا التوراة فيها هدى} يهدي من الضلالة إلى الحق {ونور} يكشف ما اشتبه عليهم من الأحكام {يحكم بها النبيون} أي: من بني إسرائيل وقوله تعالى: {الذين أسلموا} ذكر على وجه الصفة للأنبياء للتنويه بشأن الصفة دون التخصيص والتمييز؛ لأنهم كلهم بهذه الصفة منقادون لله تعالى وللتنبيه على عظم قدرها

نام کتاب : السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير نویسنده : الخطيب الشربيني    جلد : 1  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست