responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير نویسنده : الخطيب الشربيني    جلد : 1  صفحه : 246
{لعلكم تفلحون} أي: تفوزون ثم خوّفهم فقال تعالى:
{واتقوا النار التي أعدّت للكافرين} بالتحرّز عن متابعتهم وتعاطي أفعالهم، كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول: هذه أخوف آية في القرآن حيث أوعد الله المؤمنين بالنار المعدّة للكافرين إن لم يتقوه باجتناب محارمه وفي الآية تنبيه على أنّ النار بالذات للكفار وبالعرض للعصاة.
{وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون} لما ذكر الوعيد أتبعه بالوعد ترهيباً عن المخالفة وترغيباً في الطاعة على عادته تعالى المستمرّة في القرآن، قال محمد بن إسحاق بن يسار هذه الآية معاتبة للذين عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمرهم بما أمرهم يوم أحد ولعلّ وعسى في أمثال ذلك دليل على عزة التوصل إلى ما جعل خيراً لهما ومن تأمّل هذه الآيات وأمثالها لم يحدّث نفسه بالأطماع الفارغة والتمني على الله تعالى.

{وسارعوا} أي: بادروا وأقبلوا {إلى مغفرة من ربكم} أي: إلى ما تستحق به المغفرة كالإسلام والتوبة وأداء الفرائض والهجرة والجهاد والتكبيرة الأولى والأعمال الصالحات. وقرأ نافع وابن عامر بغير واو قبل السين والباقون بواو قبلها {و} إلى {جنة عرضها السموات والأرض} أي: عرضها كعرضهما كقوله تعالى: {عرضها كعرض السماء والأرض} (الحديد، 21) وإنما جمعت السماء وأفردت الأرض لأنها أنواع قيل: بعض فضة وبعض غير ذلك، والأرض نوع واحد وذكر العرض للمبالغة في وصف الجنة بالسعة؛ لأنّ العرض دون الطول كما دلّ عليه قوله تعالى: {بطائنها من إستبرق} (الرحمن، 54) على أن الظهارة أعظم يقول: هذه صفة عرضها فكيف طولها؟ قال الزهري: إنما وصف عرضها فأما طولها فلا يعلمه إلا الله تعالى وهذا على سبيل التمثيل لا أنها كالسموات والأرض لا غير بل معناه كعرض السموات السبع والأرضين السبع عند ظنكم كقوله تعالى: {خالدين فيها ما دامت السموات والأرض} (هود، 107) أي: عند ظنكم وإلا فهما زائلتان.
وعن ابن عباس: الجنة كسبع سموات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض. وعنه أيضاً إنّ لكل واحد من المطيعين جنة بهذه السعة.

وروي أنّ ناساً من اليهود سألوا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: إذا كانت الجنة عرضها ذلك فأين تكون النار؟ فقال لهم: أرأيتم إذا جاء الليل فأين يكون النهار؟ وإذا جاء النهار فأين يكون الليل؟ فقالوا: إنه لمثلها في التوراة، ومعناه أنه حيث شاء الله. وسئل أنس بن مالك عن الجنة: أفي السماء أم في الأرض وأيّ أرض وسماء تسع الجنة؟ قيل: فأين هي؟ قال: فوق السموات السبع تحت العرش، وقال قتادة: كانوا يرون أنّ الجنة فوق السموات السبع وأنّ جهنم تحت الأرضين السبع.

فإن قيل: قال تعالى: {وفي السماء رزقكم وما توعدون} وأراد بالذي وعدنا الجنة فإذا كانت الجنة في السماء فكيف يكون عرضها ما ذكر؟ أجيب: بأنّ باب الجنة في السماء وعرضها كما أخبر تعالى: {أعدّت} هيئت {للمتقين} الله بعمل الطاعات وترك المعاصي وفي ذلك دليل على أنّ الجنة مخلوقة الآن وقيل: إنّ الجنة والنار يخلقان بعد قيام الساعة.
ثم وصف الله تعالى المتقين بصفات فقال:
{الذين ينفقون} أي: في طاعة الله {في السرّاء والضرّاء} أي: في العسر واليسر أو الأحوال كلها؛ لأنّ الإنسان لا يخلو عن مسرة أو مضرة أي: لا يخلون عن حال مّا بإنفاق ما قدروا عليه من قليل أو كثير كما يحكى عن بعض السلف أنه ربما تصدّق ببصلة، وعن

نام کتاب : السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير نویسنده : الخطيب الشربيني    جلد : 1  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست