responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير نویسنده : الخطيب الشربيني    جلد : 1  صفحه : 242
على سركم لا يتمالكون أنفسهم لفرط بغضهم، وعن قتادة: قد بدت البغضاء لأوليائهم من المنافقين والكفار لإطلاع بعضهم بعضاً على ذلك {وما تخفي صدورهم} من العداوة والغيظ {أكبر} أي: أعظم مما بدا؛ لأنّ بدوّه ليس عن روية واختيار {قد بينا لكم الآيات} الدالة على وجوب الإخلاص في الدين وموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين {إن كنتم تعقلون} ما بين لكم فلا توالوهم.
فإن قيل: كيف موقع هذه الجمل وهي لا يألونكم وودّوا ما عنتم وقد بدت البغضاء وقد بينا لكم الآيات أجيب: بأنها مستأنفات على وجه التعليل بمعنى إنّ كلا علة للنهي عن اتخاذهم بطانة.
{ها أنتم أولاء} ها تنبيه وأنتم كناية للمخاطبين وأولاء اسم للمشار إليهم وهم المؤمنون وقوله تعالى: {تحبونهم} أي: هؤلاء اليهود الذين نهيتكم عن مباطنتهم للأسباب التي منكم من القرابة والرضاع والمصاهرة {ولا يحبونكم} لمخالفتهم لكم في الدين بيان لخطئهم في موالاتهم حيث يبذلون محبتهم لأهل البغضاء {وتؤمنون بالكتاب كله} أي: بالكتب كلها وهم لا يؤمنون بكتابكم، وفي هذا توبيخ شديد للمؤمنين بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم ونحو هذا قوله تعالى: {فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون} (النساء، 104) .
{وإذا لقوكم قالوا آمنا} أي: نفاقاً وتغريراً {وإذا خلوا} أي: خلا بعضهم ببعض {عضوا عليكم الأنامل} أي: أطراف الأصابع {من الغيظ} أي: شدّة الغضب لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم ويعبر عن شدّة الغضب بَعض الأنامل مجازاً، وإن لم يكن ثم عض فيوصف المغتاظ والنادم بَعض الأنامل والبنان والإبهام. قال الحارث بن ظالم المري:

*فأقتل أقواماً لئاماً أذلة ... يعضون من غيظ رؤوس الأباهم*
{قل موتوا بغيظكم} أي: ابقوا إلى الممات بغيظكم فلن تروا ما يسركم وقوله تعالى: {إنّ الله عليم بذات الصدور} أي: بما في القلوب ومنه ما يضمره هؤلاء يحتمل أن يكون من المقول أي: وقل لهم: إنّ الله عليم بما هو أخفى مما تخفونه من عض الأنامل غيظاً وأن يكون خارجاً عنه بمعنى قل لهم ذلك ولا تتعجب من إطلاعي إياك على أسرارهم فإني عليم بالأخفى من ضمائرهم.
{إن تمسسكم} أي: تصبكم أيها المؤمنون {حسنة} أي: نعمة كنصر وغنيمة وخصب في معاشكم وتتابع الناس في دينكم {تسؤهم} أي: تحزنهم {وإن تصبكم سيئة} أي: إساءة كهزيمة وجدب واختلاف يكون بينكم {يفرحوا بها} وجملة الشرط متصلة بالشرط، قيل: وما بينهما اعتراض والمعنى إنهم متناهون في عداوتكم فلم توالونهم فاجتنبوهم.
فإن قيل: كيف وصفت الحسنة بالمس والسيئة بالإصابة؟ أجيب: بأنّ المس مستعار بمعنى الإصابة فكان المعنى واحد ألا ترى إلى قوله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} (النساء، 79) {وإن تصبروا} على أذاهم {وتتقوا} الله في موالاتهم وغيرها {لا يضركم كيدهم شيئاً} بفضل الله وحفظه الموعود للصابرين والمتقين وهذا تعظيم من الله تعالى وإرشاداً إلى أنه يستعان على كيد العدوّ بالصبر والتقوى، وقد قال الحكماء: إذا أردت أن تكيد من يحسدك فازدد فضلاً في نفسك، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بكسر الضاد وسكون الراء من ضاره يضيره، والباقون بضم الضاد وضم الراء مشدّدة للإتباع

نام کتاب : السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير نویسنده : الخطيب الشربيني    جلد : 1  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست