responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد    جلد : 6  صفحه : 46
وروى ابن إسحاق في سيرته أنه صلى الله عليه وسلم قال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني [1] .
فإن قيل: إن هذه النصوص يؤخذ منها أن هذه الاستغاثة كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلماذا أسندها القرآن إلى المؤمنين؟
فالجواب: أن المؤمنين كانوا يؤمنون على دعائه صلى الله عليه وسلم ويتأسون به في الدعاء، إلا أن الروايات ذكرت دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه هو قائد المؤمنين، وهو الذي يحرص الرواة على نقل دعائه، أكثر من حرصهم على نقل دعاء غيره من أصحابه.
وقيل: إن الضمير في قوله تَسْتَغِيثُونَ للرسول صلى الله عليه وسلم، وجيء به مجموعا على سبيل التعظيم، ويعكر على هذا القيل أن السياق بعد ذلك لا يلتئم معه، لأنه خطاب للمؤمنين بالنعم التي أنعم بها- سبحانه- عليهم.
وعبر- سبحانه- بالمضارع تَسْتَغِيثُونَ مع أن استغاثتهم كانت قبل نزول الآية- استحضارا للحال الماضية، حتى يستمروا على شكرهم لله، ولذلك عطف عليه.
فاستجاب لكم، بصيغة الماضي مسايرة للواقع.
وكان العطف بالفاء للإشعار بأن إجابة دعائهم كانت في أعقاب تضرعهم واستغاثتهم وهذا من فضل الله عليهم، ورحمته بهم، حيث أجارهم من عدوهم، ونصرهم عليه- مع قلتهم عنه- نصرا مؤزرا.
والسين والتاء في قوله: «تستغيثون» للطلب، أى: تطلبون منه الغوث بالنصر.
فإن قيل: إن الله- تعالى- ذكر هنا أنه أمدهم بألف من الملائكة، وذكر في سورة آل عمران أنه أمدهم بأكثر من ذلك فكيف الجمع بينهما؟.
فالجواب أن الله- تعالى- أمد المؤمنين بألف من الملائكة في يوم بدر، كما بين هنا في سورة الأنفال، ثم زاد عددهم إلى ثلاثة آلاف كما قال- تعالى- في سورة آل عمران: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ... ، ثم زاد عددهم مرة أخرى إلى خمسة آلاف، قال- تعالى- بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا، يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ [2] .

[1] تفسير النار ج 9 ص 556 مطبعة دار المنار، الطبعة الثانية سنة 1967 هـ.
[2] سورة آل عمران الآيات من 123- 125.
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد    جلد : 6  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست