نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد جلد : 6 صفحه : 118
وثانيهما: أن هذا التزيين كان حسيا بمعنى أن الشيطان تمثل لهم في صورة إنسان، وقال لهم ما قال مما حكاه الله- تعالى- عنه.
وقد ذكر صاحب الكشاف هذين الوجهين في تفسير الآية فقال: واذكر إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ التي عملوها في معاداة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووسوس إليهم أنهم لا يغلبون ولا يطاقون، وأوهمهم أن اتباع خطوات الشيطان وطاعته مما يجيرهم، فلما تلاقى الفريقان نكص الشيطان وتبرأ منهم، أى: بطل كيده حين نزلت جنود الله.
وكذا عن الحسن- رحمه الله- قال: كان ذلك على سبيل الوسوسة ولم يتمثل لهم.
وقيل: لما اجتمعت قريش على السير- لحرب المسلمين في بدر- ذكرت الذي بينها وبين كنانة من الحرب، فكاد ذلك يثنيهم عن حرب المسلمين، فتمثل لهم إبليس في صورة سراقة ابن مالك بن جعشم الشاعر الكناني- وكان من أشرفهم- في جند من الشياطين معه راية وقال: لا غالب لكم اليوم وإنى مجيركم من بنى كنانة. فلما رأى الملائكة تنزل، نكص.
وقيل: كانت يده في يد الحارث بن هشام، فلما نكص قال له الحارث: إلى أين؟ أتخذلنا في هذه الحال؟ فقال: إنى أرى ما لا ترون، ودفع صدر الحارث وانطلق وانهزموا.
فلما بلغوا مكة قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة فقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم. فلما أسلموا علموا أنه الشيطان.
وفي الحديث- الذي أخرجه مالك في الموطأ-: «وما رئي إبليس يوما أصغر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة لما يرى من نزول الرحمة. إلا ما رئي يوم بدر» [1] .
وقد ذكر ابن جرير وابن كثير روايات أخرى تتفق في جملتها مع ما ذكره صاحب الكشاف، وإن كانت تختلف عنها في التفصيل، ومن ذلك قول ابن جرير:
«وكان تزيينه ذلك لهم كما حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس قال: جاء إبليس يوم بدر في جند من الشياطين معه رايته في صورة رجل من بنى مدلج، في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما اصطف الناس، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب، فرمى بها في وجوه المشركين، فولوا الأدبار. [1] تفسير الكشاف ج 2 ص 227 وقوله: «ولا ادحر» الدحور: الطرد والإبعاد قال ابن حجر: والحديث أخرجه مالك في الموطأ من رواية طلحة ابن عبيد الله ابن كريز مرسلا، ومن طريق مالك أخرجه عبد الرزاق والطبري والبيهقي في الشعب، وانفرد أبو النضر بن إسماعيل بن إبراهيم العجلى عن مالك فقال: عن طلحة عن أبيه: قال ابن عبد البر: الصواب مرسل، حاشية الكشاف ج 2 ص 228.
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد جلد : 6 صفحه : 118