responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد    جلد : 1  صفحه : 62
ويرى جمهور العلماء أن الاستهزاء لا ينفك عن التلبيس كأن يظهر المستهزئ استحسان الشيء وهو في الواقع غير حسن، أو يقر المستهزأ به على أمر غير صواب، وهذا المعنى لا يليق بجلال الله، فيجب حمل الاستهزاء المسند إليه تعالى على معنى يليق بجلاله، فيحمل على ما يلزم على الاستهزاء من الانتقام والعقوبة والجزاء المقابل لاستهزائهم، وسمى ذلك استهزاء على سبيل المشاكلة»
كما في قوله تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها.
وهذا دليل على غيرة الله على عباده المؤمنين، وانتقامه من كل من يستهزئ بهم أو يؤذيهم.
وعبر بالمضارع في قوله يَسْتَهْزِئُ للإيذان بأن احتقاره لهم، أو مجازاتهم على استهزائهم يتجدد ويقع المرة بعد الأخرى:
ثم بين- سبحانه- لونا آخر من ألوان غضبه عليهم فقال: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
المد: الإمهال والمطاولة والزيادة، من المد بمعنى الإمهال، يقال: مده في غيه- من باب رد- أمهله وطول له، ويقال: مد الجيش وأمده إذا ألحق به ما يقويه ويكثره ويزيده، وقيل:
أكثر ما يستعمل المد في المكروه، والإمداد في المحبوب، والطغيان: مجاوزة الحد، ومنه طغا الماء، أى: ارتفع.
ويعمهون: يعمون عن الرشد، أو يتحيرون ويترددون بين الإظهار والإخفاء، أو بين البقاء على الكفر وتركه إلى الإيمان. يقال: عمه- كفرح ومنع- عمها، إذا تردد وتحير، فهو عمه وعامه، وهم عمهون وعمه كركع والمعنى: أن الله تعالى يجازى هؤلاء المنافقين على استهزائهم وخداعهم، ويمكنهم من المعاصي أو يملى لهم ليزدادوا إثما. حال كونهم يعمون عن الرشد، فلا يبصرون الحق حقا ولا الباطل باطلا.
ثم بين- سبحانه- لونا من ألوان غبائهم وبلادتهم فقال: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى.
الاشتراء: أخذ السلعة بالثمن. والمراد: أنهم استبدلوا ماكره الله من الضلالة بما أحبه من الهدى قال ابن عباس: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى.
والمشار إليه ب «أولئك» هم المنافقون: الموصوفون في الآيات السابقة بالكذب والمخادعة، والإفساد في الأرض، ورمى المؤمنين بالسفاهة واستهزائهم بهم.
والسر في الإشارة إليهم والتعبير عنهم بأولئك تمييزهم وتوضيحهم بأكمل صورة وأجلى بيان.

(1) قال السكاكي: المشاكلة: أن تذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته اهـ مفتاح العلوم ص 225. [.....]
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست