نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد جلد : 1 صفحه : 285
والعناد، لأنه الحق الذي تؤيده العقول السليمة، وإذا لم يؤمنوا به فمرد ذلك إلى شدة عنادهم والتواء أفكارهم.
وقوله تعالى: فَقَدِ اهْتَدَوْا ترغيب لهم في اتباع الحق الذي اتبعه المؤمنون، أى: فإن آمنوا مثل إيمانكم فقد اهتدوا ورشدوا.
وكلمة: (مثل) في الآية الكريمة معناها، نفس الشيء وحقيقته. المراد فإن آمنوا بنفس ما آمنتم به فقد اهتدوا، ومنه قول العرب: «مثلك لا يبخل» والمراد أنت لا تبخل. ويرى بعض المفسرين أن كلمة «مثل» هنا على حقيقتها وهي الشبيه والنظير، وأن المماثلة وقعت بين الإيمانيين، وأنها لا تقتضي تعدد ما أمرنا الله أن نؤمن به.
قال الإمام القرطبي: «المعنى: فإن آمنوا مثل إيمانكم، وصدقوا مثل تصديقكم فقد اهتدوا» [1] .
وقال ابن جرير: فإن صدقوا مثل تصديقكم بجميع ما أنزل عليكم من كتب الله وأنبيائه، فقد اهتدوا فالتشبيه إنما وقع بين التصديقين والاقرارين اللذين هما إيمان هؤلاء وإيمان هؤلاء، كقول القائل: (مر عمرو بأخيك مثل ما مررت به) يعنى ذلك (مر عمرو بأخيك مثل مرورى به) والتمثيل إنما دخل تمثيلا بين المرورين لا بين عمرو وبين المتكلم، فكذلك قوله: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ إنما وقع التمثيل بين الإيمانين لا بين المؤمن به» [2] .
وقوله تعالى: وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ بيان لحالهم عند إعراضهم عن دعوة الحق، ووعد من الله- تعالى- للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين بالنصر عليهم، والعصمة من شرورهم.
والشقاق: المنازعة والمخالفة والتعادي وأصله من الشق وهو الجانب فكأن كل واحد من الفريقين في شق غير شق صاحبه.
وقيل: إن الشقاق مأخوذ من فعل ما يشق ويصعب فكأن كل واحد من الفريقين يحرص على ما يشق على صاحبه.
والمعنى: وإن أعرض هؤلاء الذين زعموا أن الهداية ميلهم عن الإيمان الذي تدعوهم إليه- يا محمد- فاعلم أن إعراضهم سببه المخالفة والمعاندة والمعاداة إذ لا حجة أوضح من حجتك، وما داموا هم كذلك فسيقيك الله شرهم، وينصرك عليهم، فهو سميع لما يقولونه [1] تفسير القرطبي ج 2 ص 143. [2] تفسير ابن جرير ج 1 ص 431.
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد جلد : 1 صفحه : 285