يتوب منها- قلت اليمين على المعصية يشتمله عموم قوله تعالى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فان فيه عقدا على الإيفاء فهو من المنعقدة دون اللغو فهو يوجب الكفارة وكونه على المعصية يوجب الرفض وهذا بعينه مقتضى قوله عليه السلام فليكفر وليأت بما هو خير والله اعلم وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ اى عزمتم وقصدتم الى اليمين الكاذبة وارتكبتم العصيان بقصدكم ارادتكم وانما قلنا ذلك بقرينة المؤاخذة فان المؤاخذة لا يكون الا على العصيان- فخرج بهذا القيد الايمان الصادقة كلها وما كان بظن الصدق وكذا اخرج به اليمين المنعقدة لانه لا معصية فيه بل في الحنث بعد اليمين- فان قيل ورد في المائدة وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ وذلك يدل على ثبوت المعصية والمؤاخذة عليها فكيف تقول انه خرج به اليمين المنعقدة الى آخره- قلت تقدير الكلام هناك وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ ان حنثتم وليس ذلك التقدير هاهنا لان التقدير نوع من المجاز- والحقيقة والمجاز لا يجتمعان والمؤاخذة على الغموس بمجرد اليمين- فالمراد بهذه الاية اليمين الغموس بأقسامها فقط وليس هاهنا ذلك التقدير- والمراد بما في المائدة المنعقدة فقط وفيها التقدير والله اعلم- وقال الشافعي المراد بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وبِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ واحد وهو ضد للغو؟؟ فقالوا كسب القلب هو العقد والنية فقوله بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وقوله بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ كلاهما يشتملان الغموس والمنعقدة والمظنونة ايضا فيجب الكفارة في جميع ذلك- قلنا ليس كذلك بل عقد اليمين الزام شىء على نفسه باليمين بحيث يجب ايفاؤه بقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ولا معصية فيه ولا مؤاخذة الا بعد الحنث- وكسب القلب ضد لغو اليمين على تفسير عائشة فكان أعم منه مطلقا لكنا حملناه على كسب المعصية بمجرد اليمين بقرينة المؤاخذة من غير تقدير في الاية فهو الغموس فقط فلا كفارة في الغموس- لان الضمير في قوله تعالى فَكَفَّارَتُهُ راجع الى ما عقّدتّم الايمان فقط ولان الغموس كبيرة محضة فلو وجبت عليها كفارة فاما ان تكون سائرة ومزيلة لمعصية الغموس اولا وعلى الثاني لا تكون الكفارة كفارة- وعلى الاول يسع لكل امرئ ان يقتطع مال امرئ مسلم باليمين الفاجرة ثم يكفر عنها ولم يقل به أحد وقد قال الله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وقال إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ- وقال عليه