- «وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ» أي وهم فى غفلة مطبقة عامة.. غفلة عن كل ما هو حق، وخير، كما يدل على ذلك تنكير الغفلة. وليس هذا فحسب، بل إنهم مع غفلتهم هذه العامة الشاملة، «مُعْرِضُونَ» عن كل داع يدعوهم إلى أن ينظروا إلى أنفسهم، وأن ينتبهوا من غفلتهم..
والغفلة قد تكون لأمر عارض، بحيث إذا نبّه الإنسان تنبه، وإذا دعى أجاب.. ولكن غفلة هؤلاء القوم، غفلة مستولية عليهم، آخذة بكل حواسّهم ومدركاتهم: «وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً» حيث أنهم مع هذه الغفلة المستولية عليهم- بعيدون عن دعوات التنبيه، لا يلقونها إلا من وراء ظهورهم.. فهم عنها معرضون..
«ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ» ..
هكذا شأن هؤلاء الغافلين.. تطرق أسماعهم دعوات متتابعة، مجدّدة، تجيئهم من كل جانب، وتطلع عليهم من كل أفق.. ومع هذا فهم على ما هم عليه، من غفلة، ولهو، وعبث..
والذّكر المحدث، هو ما يتنزل من آيات الله، حالا بعد حال، ويتجدّد زمنا بعد زمن.. وهؤلاء المشركون الغافلون على حال واحدة، مع كل ما ينزل من آيات الله يسمعونها بآذان لا تصغى إلى حق، وبقلوب لا تتفتح لقبول خير..
«وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا: هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.. أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ» ..
النجوى: التناجي فيما بينهم..
وإسرار النجوى: مبالغتهم فى إخفاء ما تناجوا به من منكر القول، حتى يحكموا كيدهم، ويصلوا إلى رأى يجتمعون عليه، ثم يطلعون على الناس به.. إنهم