إلى الطعام، ويعجزهم حالهم عن أن ينالوا من كسب أيديهم، فإنهم فى هذه الحال أبناء الأسرة الإسلامية كلها، وإن لهم على المجتمع حقّ الإطعام، كما للابن على أبيه أن يدخل بيته، وينال من الطعام ما يسد جوعته..
ولكى يتقرر هذا المعنى فى نفوس المسلمين، ولكى يصبح هذا الأمر حقّا، للأعمى والأعرج والمريض، على المجتمع الإسلامى، يطالب كل منهم به، ويستأدبه من أي مسلم قادر على الوفاء به، دون أن يكون فى ذلك جرح لكرامته، أو منّة وفضل عليه من أحد- نقول لكى يتقرر هذا، فقد قدّمهم القرآن على الأهل والأقارب، إذا كانوا على الصحة والسلامة، وكانوا أقدر على أن يجدوا حيلة لدفع غائلة الجوع عنهم، بخلاف هؤلاء العجزة الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا..
فجاءت الآية برفع الحرج عن هؤلاء العجزة أولا، ثم دخل معهم هؤلاء الذين جاءت بهم الآية، من الأقارب، وذوى الأرحام.. ثانيا.
وهذا الذي ذهبنا إليه، هو الذي يتفق مع روح تلك الشريعة السمحاء، التي قامت على التآخى بين الناس، والتكافل بين المسلمين جميعا..
وفى هذا يقول الرسول الكريم: «ليلة الضّيف واجبة على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه محروما [1] كان دينا عليه [2] ، فإن شاء اقتضاه، وإن شاء تركه» .. ويقول- صلوات الله وسلامه عليه: «أيّما مسلم ضاف قوما فأصبح الضيف محروما، فإن حقّا على كل مسلم نصره، حتى يأخذ بقرى ليلته، من زرعه وماله» . [1] اسم أصبح ضمير يعود إلى الضيف، أي إذا أصبح الفقير بفناء الغنى محروما.. [2] أي كان حق هذا المحروم دينا على الغنى.