فكل ما ينسب إليه من أخطاء، وما يرمى به من تهم، ممكن الوقوع، ويمكن التسليم به، إذ هو- والحال كذلك- إنسان، مجرد إنسان، يجوز عليه ما يجوز على الناس، من صدق وكذب، ومن إيمان وكفر! أما إن كان «محمد» - صلوات الله وسلامه عليه- نبيا ورسولا، فإن الذي يعتقد فى نبوته، ويؤمن برسالته، ثم يلحق به ما يقع فى حياة الناس من أخطاء، وعثرات، وتخبطات، فهذا لا يستقيم أبدا مع صفة النبوة، فإن الرسول مبلّغ عن ربه، وهو بهذه الصفة معصوم من الخطأ والنسيان، فيما يتصل برسالة ربّه، وما تحمل من شريعة وعقيدة، إذ أن أي انحراف أو تحريف فى هذا، معناه سوق الناس إلى طرق مفتوحة، مليئة بالعثرات والحفر، على حين أن دعوة السماء تدعوهم إلى صراط مستقيم، ولا يستقيم هذا الصراط مع تلك الأخلاط، وهذه المتناقضات، التي تلتقى بالناس، وهم سائرون فيه.
ذلك ما يجب أن يتأكد، ويتقرر، أولا عند من يؤمنون بالأنبياء.. إنهم لن يكونوا على غير تلك الحال التي توجب لهم العصمة، وتحمى الرسالة التي يحملونها من أية شائبة تقلق بها.
وإذن فمن الضلالة والجهل، أن يقول قائل: إن النبىّ- ويقولها هكذا النبىّ- حين قرأ سورة النجم، نسى، أو سها، أو أخذته سنة، أو غلبه خاطر قوىّ فى نفسه، أو ألقى الشيطان إليه، فذكر الأصنام التي كان يعبدها قومه، وأثنى عليها، ورفع منزلتها، وجعل لها عند الله شفاعة! أهذا قول يقال، ويلتقى أوله مع آخره؟
نبىّ يقر قرآنا منزلا من السماء.. ثم تعدو عليه عوادى الشرّ، فتغير من آيات الله، وتبدل من شريعته، وهو على لسانه، بل وبلسانه؟