جنات الخلد، لهم فيها ما تشتهى أنفسهم ولهم فيها ما يدّعون.. نزلا من غفور رحيم.. وهذا هو المدخل الذي يدخلهم الله فيه، ويملأ قلوبهم به غبطة ورضا.. «وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ» بمن هم أحق برضاه ومغفرته وإحسانه من عباده..
«حَلِيمٌ» لا يعجل مقوبته، بل يمهل الظالمين، حتّى يكون لهم نظر فى أمرهم، ورجعة إلى ربّهم.. فإن لم يفعلوا فالنار مثواهم: «وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» (26: الزمر) .
هذه الآية الكريمة: «وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ.. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» .، وما سبقها أو تلاها من آيات- هى التي نسحت جولها قصة «الغرانقة» التي آن أن نحدثك عنها وقد رأينا الآيات جميعها تعرض صورة من صور هذا الصّراع، الذي عرض القرآن الكريم كثيرا من صوره، بين النبىّ، وبين المشركين والكافرين والمنافقين ومن فى قلوبهم مرض.. وهى فى صورتها تلك ليس فيها شىء على غير مألوف ما جاء من صور هذا الصراع بين أنبياء الله ورسله، مع أقوامهم..
فمن أين إذن جاءت خرافة «الغرانيق العلى» ؟ ذلك ما تراه فيما سنعرضه عليك الآن..
كان موضوع الناسخ والمنسوخ فى القرآن، من القضايا البارزة، التي شغل بها علماء التفسير، والفقه.. وقد عرضنا لهذه القضية فى مبحث خاص فى الجزء الأول من هذا التفسير.. وكان من رأينا- ومازلنا عليه- أن لا نسخ فى القرآن..
وقد نظر المفسّرون فى قوله تعالى: «وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ.. ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ