قومه، أو معظم قومه، ولكن الذين خلص بهم من هذا المعترك، هم قليل من كثير.. فكيف يقال مع هذا إن أمنيته تحققت، وإن الله سبحانه وتعالى قد أحكم آياته- على هذا المفهوم الذي فهمت عليه الآية- ونسخ ما ألقى الشيطان؟.
والجواب على هذا، قريب من قريب.. فلقد تحققت أمنية النبي أو الرسول تحقيقا كاملا، ولو لم يؤمن معه من قومه أحد..! كما ترى.
إن أمنية الرسول أو النبىّ. كانت فى أول الأمر هى هداية قومه، فردا، فردا.. وهو فى سبيل تحقيق هذه الأمنية لا يدخر شيئا من جهده، ولا يضنّ بشىء من راحته.. ثم هو مع هذا يظل صابرا محتملا لكل ما يرميه به السفهاء، من فحش القول، وشنيع العمل.. حتى إذا انتهى الأمر إلى غاية يتضح منها أن لا خير يرجى من هؤلاء القوم، وأن لا ثمرة تحصّل منهم، مهما بذل من جهد، أو ضوعف من عمل- إلى هنا يكون الشيطان قد غطى أمنية الرسول أو النبىّ، وحجب ضوءها.. وعندئذ يتولى الله سبحانه وتعالى أخذ هؤلاء القوم بالبأساء والضرّاء، فيضربهم ضربة قاضية، فإذا هم فى الهالكين.. وهكذا ينسخ الله كل ما ألقى الشيطان ويبطله، على حين يكون قد أحكم آياته وثبتها بنجاة النبىّ أو الرسول من هذا البلاء.. إن الرسول أو النبىّ فى تلك الحال- وإن كان وحده- هو آية الله، أو آيات الله التي أحكمت، فثبتت، وبقيت..
أما ما ألقى الشيطان، فقد نسخ وبطل، وذهب هباء! واستمع إلى الآية كلها مرة أخرى: «وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ.. فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ.. ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ.. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» .
وأحسب- بعد هذا، بل وقبل هذا- أن الآية الكريمة، واضحة