ألا يكون هذا إعلانا واضحا عن الله؟ ثم ألا يكون فيما يجىء به رسل الله وأنبياؤه من دعوات تكشف عن هذا الوجود، وتجلّى للأبصار والعقول ما غشّى عليها الجهل والضلال منه- ألا يكون فى هذا ما يكشف للناس عن وجود الله، وعظمة الله، وجلال الله، حتى يجىء الله نفسه للناس ليقول لهم: ها أنا ذا؟
اعتراض آخر.. يقول: إن التوافق مع الله لا يتوقف على رؤيته بالعين، بل على إدراك النفس لمحبته، وكماله، وجماله، ولذلك لم يكن هناك داع لأن يتجسد الله.. إذ أنه موجود فى كل مكان.. وفى أقواله لنا ما يكفى نفوسنا لإدراك كل شىء عنه وبالتالى للتوافق معه! وجواب: «حقا إن التوافق مع الله لا يتوقف على رؤية العين، بل على إدراك النفس لمحبته، وكماله، وجماله.. لكن هل تستطيع النفس أن تدرك شيئا عن الله من مجرد السمع أو القراءة عنه؟ الجواب: طبعا لا، لأن النفس كما قلنا محدودة، والله غير محدود، والمحدود لا يدرك من تلقاء ذاته غير المحدود، لذلك كان من البديهي أنه إذا أراد الله أن يجعل ذاته مدركا لنفوسنا- وعمل مثل هذا يتفق مع ذاته وصفاته كل الاتفاق- أن يظهر لنابهيئة محسوسة، نستطيع عن طريقها الاتصال به، وهذه هى الهيئة التي تنازل واتخذها، له المجد!» [1] .
وتعليق: هذا الجواب ليس بالذي يسدّ هذه الثغرة التي أوجدها الاعتراض، الذي يجاب عليه بهذا الجواب! فإذا كان الإيمان بالله لا يكمل ولا يتم بمجرد السمع أو القراءة عن الله، بل لا بد من رؤيته مجسسدا، فمعنى هذا أن جميع الذين لم يروا الله مجسدا فى المسيح هم على تلك الصفة.. إيمانهم ناقص، لا يتم إلا برؤية الله مجسدا فى المسيح، [1] المصدر السابق.