أحدكم حتى يؤمن بالقدر خيره وشرّ، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه» .
وكان الحسن البصارى- رضى الله عنه- يقول: «من كذّب بالقدر فقد كذّب بالحق، إن الله عز وجلّ، قدّر خلقا، وقدّر أجلا، وقدّر بلاء، وقدّر مصيبة، وقدّر معافاة.. من كذب بالقدر فقد كذّب بالقرآن» .
فالإيمان بالقدر، والتسليم بالمقدور والرضا به، هو الصميم من الإيمان، وهو دعوة الإسلام، وهو سبيل المؤمنين، وبغير هذا لا ينعقد إيمان، ولا يكمل دين.
يقول ابن تيمية: «وما قدّر من المصائب يجب الاستسلام له، لأنه من تمام الرضا بالله ربّا.. وأما الذنوب، فليس للعبد أن يذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب.. فيتوب من المعايب، ويصبر على المصائب..
«فإذا عمل العبد بطاعة الله عزّ وجل علم أنها بتوفاق الله، فيشكره على ذلك ويحمده، وإذا عمل بمعصية ندم على ذلك، وعلم أنها بمقدور جرى عليه، فذمّ نفسه، واستغفر ربه.. وليس لأحد على الله حجة، بل لله الحجة على خلقه:
«قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ، فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ» .. فالله سبحانه وتعالى خلق الخلق كما شاء، فجعلهم شقيا وسعيدا، قبل أن يخرجهم إلى الدنيا: «لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ» (23: الأنبياء) .
وعلى هذا، فمطلوب من العبد أن يقول فى كل ما يقع له، أو يقع منه: هذا بقضاء الله، ومشيئة الله.. يقول ذلك عن يقين لا شك فيه، فذلك هو الإيمان الذي يشدّ عزمات الإنسان فى الشدائد، ويعينه على الحق، ويجعل منه إنسانا غير ضائع فى الحياة.. إن زلّ فذلك بقدر سابق، ولكن يجب أن يرى نفسه فى هذه الحال فى موقف لا يرضى الله، فيبادر بالانسحاب من هذا الموقف بكل ما لديه