فالقول بأن لو شاء الله ما أشركوا قول حق، ولكنه لا يصدر عن القائلين به لتقرير عموم إرادة الله وشمول مشيئته، ولو كان هذا متوجّه قولهم لكان ذلك إيمانا خالصا.. فالله سبحانه وتعالى يقول: «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً» (99: يونس) ولكنهم يقولون هذا القول فى سفسطة خبيثة، تهوى بهم إلى مهاوى الهالكين..
ولهذا أنكر الله عليهم قولهم الذي قالوه فى مشيئته، لأنهم- كما يقول ابن القيم- «لم يذكروا ما ذكروا إثباتا لقدرة الله وربوبيته ووحدانيته، وافتقارا إليه، وتوكلا عليه، ولو قالوا ذلك لكانوا مصيبين، وإنما قالوه معارضين لشرعه، ودافعين لأمره، فعارضوا أمره وشرعه ودفعوه بقضائه وقدره..
أباطيل بعض المتصوفة
ولبعض المتصوفة فلسفة مريضة، تذهب بهم هذا المذهب الأعوج الأهوج، الذي يقود إلى الضلال والهلاك.. إنهم ينسبون إلى الله كل شىء من طاعات وسخافات معا.. إن كل ما يفعلونه حسن، لأنهم- حسب تصورهم المخبول- لا يعملون شيئا، وإنما هم ينفذون إرادة الله ومشيئته.. فكل أعمالهم طاعات، وكل سخافاتهم قربات، حتى ليقول قائلهم مخاطبا ربه فى غير حياء:
أصبحت منفعلا لما تختاره ... منىّ، ففعلى كله طاعات!
فهذا الغبي الأحمق، هو منفعل- كما يقول- وليس فاعلا.. وليته انفعل بالطاعات.. وإنما هو منفعل بما يمليه عليه شيطانه الذي يوسوس له حين يفطر رمضان! وهو منفعل بمشيئة الله، حين يترك الصلاة عمدا، أو حين يشرب الخمر، ويأتى كل فاحشة جهارا فى غير حياء!