والقدرة تستند وجودا إلى سبب! ومعنى هذا أن القدرة التي يواجه بها الإنسان أىّ أمر هى وليدة سبب، وهذا السبب الذي به أصبح الإنسان ذا قدرة، يتولد من أسباب كثيرة، بعضها وراثي، وبعضها كسبى، وهى فى الواقع كل كيان الإنسان، الذي ليس للإنسان- فى الواقع- أثر كبير فى تكييفه.
فهذه الأسباب التي توجد القدرة، هى موضع النظر فى هذه القضية..
فمن أوجدها وقدّرها؟ هذا هو أساس المشكلة التي يطلب علاجها..
ثم أليس هذا هو رأى «الجاحظ» المعتزلي، الذي يقول: إن أفعال الإنسان كلها داخلة فى نسيج حوادث الطبيعة، وإن إرادة الإنسان هى القوة العاملة فيه، وإن هذه الإرادة هى فرع العلم، وثمرة من ثمراته، وإن العلم اضطراري يأتى من أعلى؟
فالإنسان بمقتضى هذا القول، عند إمام الحرمين، مجبر فى صورة مختار، أو مختار فى حال مقيد!
رأى الغزالىّ في الكسب
يذهب الغزالي فى قضية القدر مذهب التسليم، فيأخذ بظاهر آيات الكتاب، ولا يرضى لعقله الفلسفي أن يتناول هذه القضية.
يقول الغزالي: «الله تعالى خلق القدرة والمقدور جميعا، وخلق الاختيار والمختار جميعا.. فأما القدرة فوصف للعبد، وخلق للرب، وأما الحركة، فخلق للربّ، ووصف للعبد وكسب له» .
ومعنى هذا- كما يقول الغزالي- أن الله خالق كل شىء.. القدرة والمقدور