ونقول: كيف يقف شىء أمام قدرة الله؟ وهل تقع هذه الأمور التي نراها شرّا إن لم تكن من تقدير الله؟ وهل يدخل على نظام هذا الملك شىء لا يريده الله؟
لقد ردّ أصحاب «النظام» أنفسهم على هذا، فقالوا: إن الله قادر على الشرور والمعاصي، ولكنه لا يفعلها لأنها قبيحة.
ونقول: إذا كانت تلك الأمور التي يصفونها بأنها قبيحة، هى قبيحة فعلا.. فلم يدعها الله سبحانه تدخل فى نظام ملكه الذي أقامه؟
هذا قول متهافت، لا يستقيم أوله مع آخره..
ونستطيع بعد هذا أن نقول: إن أقوال المعتزلة فى قدرة الإنسان لم تقم على منطق سليم، ولم نستقم على طريق واضح.
الله عادل.. ما فى ذلك شك.
ومقتضى هذا العدل أن تجزى كل نفس بما كسبت.. فالعبد كاسب لأفعاله، أي أنها جرت على يديه. وبمحض إرادته.. ولكنه مع هذا واقع تحت إرادة الله، خاضع لمشيئته.
وللنظام رأى فى إرادة الله، وأن معنى الإرادة عنده ليس هو معنى المشيئة، لأن الإرادة بمعنى المشيئة تستلزم حاجة من جانب المريد، ولهذا يقول: «إن الله إذا وصف بأنه مريد لأفعاله، فمعنى ذلك أنه خالقها ومنشئها، وإذا وصف بأنه مريد لأفعال عباده أو وقوع أمر، فمعنى ذلك أنه حاكم بذلك، أو آمر، أو مخبر» .
وهذا الفهم للإرادة بأنها تستلزم حاجة من جانب المريد، إنما هو فهم مقيس على المستوي الإنسانى، حيث إرادتنا محصورة فى دائرة حاجاتنا ومطالبنا..