وليس للمؤمنين بعد هذا البلاغ بلاغ، فإن تولّوا، ولم يستجيبوا لأمر الله، فلهم ما اختاروا، وليس لأحد سلطان عليهم إلا وازع ضمائرهم.. «فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ» .. وقد بلّغ الرسول هذا البلاغ المبين، الذي تلقاه من ربّه، «فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها» (108: يونس) .
الخمر.. مادتها، وصفتها، وحكم شاربها
ونودّ أن نشير هنا إلى أمرين.
أولهما: الخمر.. ماهى؟
وثانيهما: الخمر.. ومكانها بين المحرمات..
أما الخمر، فأمرها معروف، ولم تكن بنا حاجة إلى الكشف عن وجهها، لولا أن كثر كلام الفقهاء فيها، وفى المادة التي تصنع منها، والطريقة التي تصنع بها، حتى تكون خمرا..
أما المادة التي تصنع منها الخمر، فقد اختلف فيها الفقهاء اختلافا بينا، فوقف بها بعضهم عند التمر والعنب، مستدلّين على هذا بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الخمر من هاتين الشجرتين» وأشار إلى النخلة والعنبة..
بل لقد ذهب بعضهم إلى أن الخمر ما كان من العنب وحده، مستدلا على ذلك بقوله تعالى: «إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً» ومؤولا الحديث: «الخمر من هاتين الشجرتين» على أن المراد به شجرة العنب.. كما فى قوله تعالى: «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ» والمراد أحد البحرين.
وواضح أن هذا التأويل فاسد، لا يلتفت إليه، ولا يوقف عنده.