أرأيت أعجب من هذا العجب! إنسان يخطىء فى حق الله، ويخرج عن طاعته..
فلا يعاقبه الله، ولا يأخذه بجريرته! ولو وقف الأمر عند هذا الحد، لكان مفهوما مقبولا.. إنسان أخطأ، ورب غفور رحيم! ولكن الذي لا يفهم، ولا يقبل، هو أن يجىء الله، لكى يغفر جريمة هذا الإنسان، فيربّى نفسه فى حجر الإنسانية، ثم إذا أصبح «حملا» صالحا للذبح، ذبح نفسه، ليكون كفارة لهذا الذنب الذي ارتكبه فى حقه عبد من عبيده! وندع هذا الحساب المغلوط، شكلا وموضوعا.. لمن يقيم خلله، إن كان فى الناس من يحسن البناء على خواء، ويقيم صرحا فى الهواء.
ونسأل: أين «المسيح» الإنسان؟
أين ذلك الوجه المشرق الوضيء الذي طالع فيه الناس سمات الإنسانية، فى نبلها، وطهرها، وعفتها، ورحمتها، وحكمتها؟ أين ذلك الإنسان الذي عاش فى الناس فآنس وحشتهم، وفتح لهم طرقا مستقيمة إلى معالم الخير، والنور، والسلام؟
إنه لا وجود له فى عالم الناس..!
إنه لم يكن إلا «الله» .. ولم تكن تلك الفترة التي رآه الناس فيها فى صورة إنسان- إلا حلما من تلك الأحلام المسعدة، التي يصحون بعدها على الواقع الذي يعيشون فيه! هكذا هو فى زى الإله الذي ألبسوه إياه.