الذي يسوقه الرجل إلى المرأة، الإحصان والتعفف بالزواج، لا مجرد الوصول إلى المرأة وقضاء الوطر منها، فذلك مال أنفق فى حرام، واستبيح به مالا يحلّ، وأوقع صاحبه فى محظور، هو السفاح والزنا.. وكان من حق هذا المال، وهو نعمة من نعم الله، أن يصان عن أن يكون مطية لعصيان الله ومحاربته، وألّا يعدل به عن الحلال بالإحصان، إلى مواقعة الحرام وارتكاب هذا المنكر الغليظ، وهو الزنا..
قوله تعالى: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ» .
هو أمر إلزامىّ بالمهر الواجب تقديمه من الرجل إلى المرأة التي يرغب فى الزواج بها.. فهو فريضة من الله، فرضها فى مال الزواج للمرأة.. ولم يقف به الإسلام عن حد معينّ، بل تركه، حسب يسار الرجل وإعساره.. إلا أنه على أي حال لا بد من أن يكون شيئا معتبرا عند كل من الزوج والزوجة، له قدره وأثره عندهما معا، وله قيمته فى الحياة.
وفى قوله تعالى: «وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ» دعوة إلى المياسرة بين الزوجين فى المهر، فللمرأة بعد أن يعطيها الرجل المهر المناسب لها، أن تنزل عنه أو عن بعضه له، وللرجل بعد أن يعطى المهر المطلوب منه، أن يزيد فيما أعطى، وفى هذا وذاك تبادل لعواطف المودة والمعروف بين الزوجين، الأمر الذي ينتظم به شمل الأسرة، وتقوم عليه سعادتها.
والاستمتاع المطلوب إيتاء الأجر عنه هنا، هو ما يحققه الزواج للرجل من سكن نفسى، وأنس روحى، وقرّة عين بالبنين والبنات، إلى ما يجد من إشباع لغريزته الجسدية، مع العفة والتصوّن..
«وما» في قوله تعالى: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ» .. اسم موصول،