ولو لم يلقنا هذا التخالف فى نظم الآية لما وقفنا عند تلك الكلمة، ولربّما داخلنا شعور- من حيث لا ندرى- أن الآية الكريمة نسق واحد، تنتهى إلى حكم واحد، هو ما ختمت به الآية فى قوله تعالى: «أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً» .
(وثانيا) ترديد كلمة «وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ» والدوران حولها، والبحث عن الوجه الذي تنتظم فيه بما قبلها أو بعدها.. وفى هذا الترديد لتلك الكلمة، والتحديق الطويل فيها- ما يربط الشعور بها، ويشدّ العقل إليها، ويشغل التفكير بها.. وذلك من شأنه أن يقيم الصلاة مقاما مكينا فى كيان المؤمنين، الأمر الذي يجب أن يكون للصلاة، إذ هى عمود الدّين، وركنه الركين..
من أقامها فقد أقام الدين، ومن ضيعها فقد ضيّع الدين..
والسؤال هنا..
ما الوجه النحوي الذي يستقيم عليه الرأى فى هذه الكلمة؟ وهل هى منصوبة على الاختصاص.. أو معطوفة على معمول الباء فى قوله تعالى:
«يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ» أي ويؤمنون بالمقيمين الصلاة.. رفعا لشأن الذين يقيمونها، وأنهم معلم من معالم الإيمان..؟
أما نحن فإنا لا نورد هذا السؤال.. ولا نتصدّى للإجابة عليه.. وإنما نتقبّل الأسلوب القرآنى، دون أن نجد فيه علة تدعو إلى كشف، أو غموضا يحتاج إلى بيان!! وغاية ما يمكن أن نقوله هو: أن هذا هو أسلوب القرآن..
وعلى النحو أن يصحح قواعده عليه، وعلى البلاغة أن تضبط موازينها به!