وقد سبق بعض قدماء المفسرين إلى القول بهذا الرأى، الذي ربما أنكره، وفزع منه كثير من علماء القرن العشرين! فهذا أبو مسلم الأصفهانى، صاحب التفسير، الذي كان عمدة كثير من علماء المسلمين وفقهائهم- يقول عن جنة آدم: «هى جنة من جنات الدنيا فى الأرض..»
ثم هو يجيب على الإشكال الذي يعترض به المعترضون فى قوله تعالى لآدم وإبليس: «اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً» من أن هذا الهبوط يعنى نزولا من السماء إلى الأرض- يجيب على هذا الإشكال بقوله: «إن قوله تعالى: «اهْبِطُوا مِنْها» لا يقتضى كونها السماء، لأنه مثل قوله تعالى: «اهْبِطُوا مِصْراً» [1] .
ويقول محمد إقبال عن تلك الجنة أيضا: «ليس هناك من سبب لافتراض أن كلمة جنة أي (حديقة) استعملت فى هذا السياق- سياق قصة آدم- للدلالة على جنة وراء الحسّ، يفترض أن الإنسان هبط منها إلى هذه الأرض.
ثم يقول:
«وطبقا للقرآن- وليس الإنسان غريبا عن هذه الأرض، إذ يقول الله تعالى: «وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً» - فالجنة التي ورد ذكرها فى القصة لا يمكن أن يقصد بها الجنة التي جعلها الله مقاما خالدا للمتقين.
ثم يقول:
«وعلى هذا، فأنا أميل إلى اعتبار الجنة التي جاء ذكرها فى القرآن تصويرا لحالة بدائية، يكاد يكون الإنسان فيها مقطوع الصلة بالبيئة التي يعيش [1] من تفسير أبى مسلم، نقلا عن مجمع البيان فى علوم القرآن للطبرسى:
جزء- 1 ص 167.