والحدث الذي يعطى هذه الدلالات، هو خروجهم من مصر على يد نبى الله موسى عليه السلام! فالذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف إذن، على هذا التفسير- هم بنو إسرائيل.
1- فهم الذين كانوا جماعة مستقلة بذاتها، متميزة بعاداتها وأوضاعها فى المجتمع المصري.
2- وهم «الذين» أخذهم فرعون بالبأساء والضراء، وأنزلهم منازل الهون والذلة: «يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ» (4: القصص) .
3- وهم «الذين» خرجوا بليل مستخفين تحت جنح الظلام، دون أن يشعر بهم فرعون وجنوده، إلا بعد أن قطعوا معظم الطريق، جادّين فى الهرب: «فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ: (23: الدخان) .
والآية القرآنية تقول: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ» .. ولا تحتاج الآية بعد هذا إلى شرح أو تأويل! وتقول الآية بعد ذلك: «فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا.. ثُمَّ أَحْياهُمْ» .
والسؤال هنا: هل كتب الله سبحانه وتعالى على هؤلاء القوم، الموت، بعد أن خرجوا من ديارهم، وهم ألوف، حذر الموت؟
نعم..!
فإنه بعد أن خرج بنو إسرائيل من مصر، وبعد أن رأوا من آيات الله ما رأوا عادوا فكفروا بآيات الله وعبدوا العجل، واتخذوه إلها من دون الله.
فكان أن عاقبهم الله بأن كتب عليهم التيه فى الصحراء أربعين سنة، كما قال الله تعالى: «قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ»