من أجل هذا كان حكم العدة هنا موجها إلى المرأة فى مواجهة الزوج، وكأنه حاضر يشهد مدى رعايتها للعلاقة التي كانت بينه وبينها.
ولهذا ينبغى للمرأة خلال هذه العدة ألّا تتزين زينتها للزوج، وألا يبدو منها ما ينم عن نسيانها لهذه الذكرى، فذلك أقل ما يجب أن يكون منها! وللزوجة على الزوج مثل هذا الحق، وإن لم توجبه الشريعة حكما، فقد أشارت إليه من طرف خفى، فى هذا الحكم الذي فرضته على الزوجة فى مواجهة زوجها، إذ حين يرى الزوج أن زوجه سوف تلتزم بنوع من الأسى عليه والحزن لفراقه، يجد فى نفسه مثل هذا الشعور نحوها حين تسبقه هى إلى الدار الآخرة.
والأمر فى ذاته ليس فى حاجة إلى تشريع، ولكن لما كان بعض المتوفّى عنهن أزواجهن يذهب بهن النزق والطيش إلى قطع علائق الزوجية وآثارها من أول يوم يغيب فيه الزوج عن شخصها، وفى ذلك ما فيه من اعتداء على حرمة تلك الرابطة المقدسة، واستخفاف بشأنها، الأمر الذي إن ترك هكذا سرت عدواه فى المجتمع، وصار تقليدا سيئا، يدخل الضيم على العلاقات الزوجية، ويذهب بجلالها! فكان لا بد من وضع حد لهذا الاستهتار، حماية الحياة الزوجية منه، حتى بعد انقطاعها.
وقوله تعالى: «فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ» بيان للجانب الآخر من جانبى المرأة وموقفها من الرجل بعد موته- فإنه كما تكون هناك بعض الزوجات غير آبهات إلى فقد الزوج، ضائقات بهذه العدّة التي فرضتها الشريعة عليهن، فإن بعضهن لأخريات قد يذهب بهن الأسى والوحشة، إلى زمن أبعد من هذا الزمن، الذي حددته العدة لهن، فتظل