المقدسة، ونفسه معلقة بها، وأشواقه نازعة إليها. وعزيز عليه أن تنقطع الصلة بينه وبينها.. إلا أنه من جهة أخرى يرى أنه أدّى الفريضة وقضى مناسكها، وربما لو أنى عملا آخر ولو كان برا لم يقع عند الله موقع القبول، لأنه جاء على غير شرع الله، فكان قوله تعالى: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ» إذنا بالدخول فى باب جديد من أبواب الخير، فيه طلب المزيد من فضل الله: «فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ» .
الآيتان: (159- 160) [سورة البقرة (2) : الآيات 159 الى 160]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)
التفسير: مناسبة هذه الآية للآية التي قبلها- على ما يبدو فى ظاهر الأمر من بعد الصلة بينهما- هو أن الله سبحانه وتعالى يرسل رسله بالبينات والهدى ليكشفوا للناس طريقهم إلى الله، وما يتقربون به إليه، من عبادات ومعاملات، وقد بينت الآية السابقة منسكا من مناسك الحج، وفتحت للناس بابا من أبواب التقرب والزّلفى إلى الله.
وآيات الله هذه هى ميراث المؤمنين عن أنبيائه، والعلماء هم الأمناء على هذا الميراث الكريم.. وقد أخذ الله عليهم الميثاق أن يبينوه للناس ولا يكتموا شيئا منه.. كما قال تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ» .