القرآنى، ولا نتجاوزه إلى مقولات يناقض بعضها بعضا، إن أخذ بأحدها كان ترك غيرها مجازفة لا يؤمن معها الخطأ، وإن أخذ بها جميعا لم يكن للجمع بينها سبيل.
وهنا فى هذه الآية تجد أن بعضها يفسر بعضا، وأن قوله تعالى: «قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً» هو التفسير المناسب للكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم.. فالكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم هى قوله تعالى: «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً» والإمامة وإن تكن نعمة وفضلا من الله، فهى ابتلاء، لما لها من أعباء، لا يقدر على حملها والوفاء بها على وجهها إلا أولو العزم من النّاس، وقد كان إبراهيم قدوة للناس فى قيامه على هذه الإمامة، فنوّه الله به فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم، فقال: «وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى» (37: النجم) أي وفّى الأمانة التي أداها على وجهها كاملة، ويعضد هذا المعنى الذي نراه، ارتباطه بما سبقه من الحديث عن أهل الكتاب، وأنهم حمّلوا أمانات فضيعوها، وخانوا الله وخانوا أنفسهم فيها.
وقوله تعالى: «قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي» يمكن أن يكون هذا استفهاما أو دعاء من إبراهيم، بمعنى: أهذه الإمامة له وحده أم هى ممتدة فى ذريته من بعده؟.
أو بمعنى: اجعل هذه الإمامة فى بعض من ذريتى. فكان جواب الحق جلّ وعلا: «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» .. أي هذا عهد لا يمتد إلى الظالمين، فمن سلم من ذريته من الظلم، كان أهلا لأن ينضوى تحت هذا العهد، ويأخذ ميراثه منه.
ثم يقول جل وعلا: