responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 94
وَالْخُرُورُ السُّقُوطُ عَلَى الْأَرْضِ.
وَالصَّعْقُ: وَصْفٌ بِمَعْنَى الْمَصْعُوقِ، وَمَعْنَاهُ الْمَغْشِيُّ عَلَيْهِ مِنْ صَيْحَةٍ وَنَحْوِهَا، مُشْتَقٌّ مِنَ اسْمِ الصَّاعِقَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ النَّارِيَّةُ الَّتِي تَبْلُغُ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ كَهْرَبَاءِ الْبَرْقِ، فَإِذَا أَصَابَتْ جِسْمًا أَحْرَقَتْهُ، وَإِذَا أَصَابَتِ الْحَيَوَانَ مِنْ قَرِيبٍ أَمَاتَتْهُ، أَوْ مِنْ بَعِيدٍ غُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ رَائِحَتِهَا، وَسُمِّيَ خُوَيْلِدُ بْنُ نُفَيْلٍ الصَّعِقَ عَلَمًا عَلَيْهِ بِالْغَلَبَةِ، وَإِنَّمَا رَجَّحْنَا أَنَّ الْوَصْفَ وَالْمَصْدَرَ مُشْتَقَّانِ مِنَ اسْمِ الصَّاعِقَةِ دُونَ أَنْ نَجْعَلَ الصَّاعِقَةَ مُشْتَقًّا مِنَ الصَّعْقِ لِأَنَّ أَيِمَّةَ اللُّغَةِ قَالُوا:
إِنَّ الصَّعْقَ الْغَشْيُ مِنْ صَيْحَةٍ وَنَحْوِهَا، وَلَكِنْ تَوَسَّعُوا فِي إِطْلَاقِ هَذَا الْوَصْفِ عَلَى مَنْ غُشِيَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ هَدَّةٍ أَوْ رَجَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنَ الصَّاعِقَةِ.
وَالْإِفَاقَةُ: رُجُوعُ الْإِدْرَاكِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِغَشْيٍ، أَوْ نَوْمٍ، أَوْ سُكْرٍ، أَوْ تَخَبُّطِ جُنُونٍ.
وسُبْحانَكَ مَصْدَرٌ جَاءَ عِوَضًا عَنْ فِعْلِهِ أَيْ أُسَبِّحُكَ، وَهُوَ هُنَا إِنْشَاءُ ثَنَاءٍ عَلَى اللَّهِ وَتَنْزِيهٍ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، لِمُنَاسَبَةِ سُؤَالِهِ مِنْهُ مَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهِ سُؤَاله دون استيذانه وَتَحَقُّقِ إِمْكَانِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى لنوح: فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فِي سُورَةِ هُودٍ [46] .
وَقَوْلُهُ: تُبْتُ إِلَيْكَ إِنْشَاءٌ لِتَوْبَةٍ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ دُونَ إِذْنٍ مِنَ اللَّهِ، وَهَذَا كَقَوْلِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ [هود: 47] وَصِيغَةُ- الْمَاضِي مِنْ قَوْلِهِ: تُبْتُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْإِنْشَاءِ فَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي زَمَنِ الْحَالِ مِثْلَ صِيَغِ الْعُقُودِ فِي قَوْلِهِمْ بِعْتُ وَزَوَّجْتُ. مُبَالَغَةً فِي تَحَقُّقِ الْعَقْدِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أُطْلِقَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُبَادِرِ إِلَى الْإِيمَانِ، وَإِطْلَاقُ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُبَادِرِ مَجَازٌ شَائِعٌ مُسَاوٍ لِلْحَقِيقَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ- الْكِنَايَةُ عَنْ قُوَّةِ إِيمَانِهِ، حَتَّى إِنَّهُ يُبَادِرُ إِلَيْهِ حِينَ تَرَدُّدِ غَيْرِهِ فِيهِ، فَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [41] ، وَقَوْلِهِ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [163] .
وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ الْإِيمَانُ وَصْفَهُمْ وَلَقَبَهُمْ، أَيِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَصِفَاتِهِ كَمَا يَلِيقُ بِهِ فَالْإِيمَانُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ اللَّقَبِيِّ، وَلِذَلِكَ شُبِّهَ الْوَصْفُ بِأَفْعَالِ السَّجَايَا فَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُتَعَلِّقٌ، وَمَنْ ذَهَبَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ يُقَدِّرُ لَهُ مُتَعَلِّقًا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ نَهْجِ الْمَعْنَى.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست