responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 87
فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ [الْبَقَرَة: 196] ، فَالْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ.
وَالتَّمَامُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى النَّمَاءِ وَالتَّفَوُّقِ فَكَانَ مِيقَاتًا أَكْمَلَ وَأَفْضَلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ [الْأَنْعَام: 154] إِلَى قَوْله:
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [الْمَائِدَة: 3] إِشَارَةً إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْعَشْرِ كَانَتْ لِحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ تَكُونُ
مُدَّةُ الثَلَاثِينَ بِدُونِهَا غَيْرَ بَالِغَةٍ أَقْصَى الْكَمَالِ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ الْمُنَاجَاةَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَلَكِنَّهُ أَبْرَزَ الْأَمْرَ لِمُوسَى مَفْرِقًا وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِ، لِيَكُونَ إِقْبَالُهُ عَلَى إِتْمَامِ الْأَرْبَعِينَ بِاشْتِيَاقٍ وَقُوَّةٍ.
وَانْتَصَبَ أَرْبَعِينَ عَلَى الْحَالِ بِتَأْوِيلِ: بَالِغًا أَرْبَعِينَ.
وَالْمِيقَاتُ قِيلَ: مُرَادِفٌ لِلْوَقْتِ، وَقِيلَ هُوَ وَقْتٌ قُدِّرَ فِيهِ عَمَلٌ مَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [189] .
وَإِضَافَتُهُ إِلَى رَبِّهِ لِلتَّشْرِيفِ، وَلِلتَّعْرِيضِ بِتَحْمِيقِ بَعْضِ قَوْمِهِ حِينَ تَأَخَّرَ مَغِيبُ مُوسَى عَنْهُمْ فِي الْمُنَاجَاةِ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ، فَزَعَمُوا أَنَّ مُوسَى هَلَكَ فِي الْجَبَلِ كَمَا رَوَاهُ ابْن جريج، وَيَشْهَدُ لِبَعْضِهِ كَلَامُ التَّوْرَاةِ فِي الْإِصْحَاحِ الثَّانِي وَالثَلَاثِينَ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ.
وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ.
أَيْ: قَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الصُّعُودِ إِلَى الْجَبَلِ لِلْمُنَاجَاةِ فَإِنَّهُ صَعِدَ وَحْدَهُ وَمَعَهُ غُلَامُهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ.
وَمَعْنَى اخْلُفْنِي كُنْ خَلَفًا عَنِّي وَخَلِيفَةً، وَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى عَمَلَ غَيْرِهِ عِنْدَ فَقْدِهِ فَتَنْتَهِي تِلْكَ الْخِلَافَةُ عِنْدِ حُضُورِ الْمُسْتَخْلِفِ، فَالْخِلَافَةُ وَكَالَةٌ، وَفِعْلُ خَلَفَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْخَلْفِ- بِسُكُونِ اللَّامِ- وَهُوَ ضِدُّ الْأَمَامِ، لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ يَقُومُ بِعَمَلِ مَنْ خَلَفَهُ عِنْدَ مَغِيبِهِ، وَالْغَائِبُ يَجْعَلُ مَكَانَهُ وَرَاءَهُ.
وَقَدْ جَمَعَ لَهُ فِي وَصِيَّتِهِ مِلَاكَ السِّيَاسَةِ بِقَوْلِهِ: وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ فَإِنَّ سِيَاسَةَ الْأُمَّةِ تَدُورُ حَوْلَ مِحْوَرِ الْإِصْلَاحِ، وَهُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ صَالِحًا، فَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِ الْأُمَّةِ وَأَحْوَالِهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْأَعْمَالُ عَائِدَةً

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست