responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 83
صَائِرٌ إِلَى السُّوءِ.
وَمَا هُمْ فِيهِ هُوَ حَالُهُمْ، وَهُوَ عِبَادَةُ الْأَصْنَامِ وَمَا تَقْتَضِيهِ مِنَ الضَّلَالَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَلِذَلِكَ اخْتِيرَ فِي تَعْرِيفِهَا طَرِيقُ الْمَوْصُولِيَّةِ لِأَنَّ الصِّلَةَ تُحِيطُ بِأَحْوَالِهِمُ الَّتِي لَا يُحِيطُ بِهَا الْمُتَكَلِّمُ وَلَا الْمُخَاطَبُونَ.
وَالظَّرْفِيَّةُ مَجَازِيَّةٌ مُسْتَعَارَةٌ لِلْمُلَابَسَةِ، تَشْبِيهًا لِلتَّلَبُّسِ بِاحْتِوَاءِ الظَّرْفِ عَلَى الْمَظْرُوفِ.
وَالْبَاطِلُ اسْمٌ لِضِدِّ الْحَقَّ فَالْإِخْبَارُ بِهِ كَالْإِخْبَارِ بِالْمَصْدَرِ يُفِيدُ مُبَالَغَةً فِي بُطْلَانِهِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ التَّوْبِيخِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْإِنْكَارِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا مَعْنَى الْبَاطِلِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ [الْأَعْرَاف: 118] .
وَفِي تَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ، وَهُوَ باطِلٌ عَلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ وَهُوَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ مَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ قَوْلِهِ: مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ.
وَإِعَادَةُ لَفْظِ قالَ مُسْتَأْنَفًا فِي حِكَايَةِ تَكْمِلَةِ جَوَابِ مُوسَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ نَظِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ [1] - إِلَى قَوْلِهِ- قالَ فِيها تَحْيَوْنَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ [24، 25] .
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُعَادُ فِي حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ إِذَا طَالَ الْمَقُولُ، أَوْ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ غَرَضِ التَّوْبِيخِ عَلَى سُؤَالِهِمْ إِلَى غَرَضِ التَّذْكِيرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ شُكْرَ النِّعْمَةِ يَقْتَضِي زَجْرَهُمْ عَنْ مُحَاوَلَةِ عِبَادَةِ غَيْرِ الْمُنْعِمِ، وَهُوَ مِنَ الِارْتِقَاءِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّسْلِيمِ الْجَدَلِيِّ، أَيْ: لَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْآلِهَةُ بَاطِلًا لَكَانَ فِي اشْتِغَالِكُمْ بِعِبَادَتِهَا وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْإِلَهِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ كُفْرَانٌ لِلنِّعْمَةِ وَنِدَاءٌ عَلَى الْحَمَاقَةِ وَتَنَزُّهٌ عَنْ أَنْ يُشَارِكَهُمْ فِي حَمَاقَتِهِمْ.
وَالِاسْتِفْهَامُ بِقَوْلِهِ: أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً لِلْإِنْكَارِ وَالتَّعَجُّبِ مِنْ طَلَبِهِمْ أَنْ يَجْعَل لَهُم إلاها غَيْرَ اللَّهِ، وَقَدْ أُولِيَ الْمُسْتَفْهَمُ عَنْهُ الْهَمْزَةَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْإِنْكَارِ هُوَ اتِّخَاذُ غير الله إلاها، فَتَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِلِاخْتِصَاصِ، لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِنْكَارِ أَيِ: اخْتِصَاصِ الْإِنْكَارِ بِبَغْيِ غير الله إلاها.
وَهَمْزَةُ أَبْغِيكُمْ هَمْزَةُ الْمُتَكَلِّمِ لِلْفِعْلِ الْمُضَارِعِ، وَهُوَ مُضَارِعُ بَغَى بِمَعْنَى طَلَبَ، وَمَصْدَرُهُ الْبُغَاءُ- بِضَمِّ الْبَاءِ.

[1] فِي المطبوعة: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً [الْبَقَرَة: 38] ، والمثبت هُوَ الْمُنَاسب للسياق.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست