responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 73
عَلَّمَكَ رَبُّكَ مِنْ وَسَائِلِ إِجَابَةِ دُعَائِكَ عِنْدَ رَبِّكَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ جَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ مُوسَى مَبْعُوثًا مِنْ رَبٍّ لَهُ بِنَاءً عَلَى تَجْوِيزِهِمْ تَعَدُّدَ الْآلِهَةِ.
وَجُمْلَةُ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا، لِأَنَّ طَلَبَهُمْ مِنْ مُوسَى الدُّعَاءَ بِكَشْفِ الرِّجْزِ عَنْهُمْ مَعَ سَابِقِيَّةِ كُفْرِهِمْ بِهِ يُثِيرُ سُؤَالَ مُوسَى أَنْ يَقُولَ: فَمَا الْجَزَاءُ عَلَى ذَلِكَ.
وَاللَّامُ مُوَطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ، وَجُمْلَةُ: لَنُؤْمِنَنَّ جَوَابُ الْقَسَمِ.
وَوَعْدُهُمْ بِالْإِيمَانِ لِمُوسَى وَعْدٌ بِالْإِيمَانِ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي أَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِيُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَلَيْسَ وَعْدًا بِاتِّبَاعِ الدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّهُمْ مُكَذِّبُونَ بِهِ فِي ذَلِكَ وَزَاعِمُونَ أَنَّهُ سَاحِرٌ يُرِيدُ إِخْرَاجَ النَّاسِ مِنْ أَرْضِهِمْ وَلِذَلِكَ جَاءَ فِعْلُ الْإِيمَانِ مُتَعَلِّقًا بِمُوسَى لَا بَاسِمِ اللَّهِ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْوَعْدُ عَلَى حَسَبِ ظَنِّهِمْ أَنَّ الرَّبَّ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ مُوسَى هُوَ رَبٌّ خَاصٌّ بِهِ وَبِقَوْمِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ وَقَدْ وَضَّحُوا مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ.
وَجُمْلَةُ فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مُوسَى دَعَا اللَّهَ بِرَفْع الطَّاعُون فارتقع وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي التَّوْرَاةِ، وَحُذِفَ هُنَا لِلْإِيجَازِ.
وَقَوْلُهُ: إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ مُتَعَلِّقٌ بِ كَشَفْنا بِاعْتِبَارِ كَوْنِ كَشْفِ الرِّجْزِ إِزَالَةً لَلْمُوتَانِ الَّذِي سَبَّبَهُ الطَّاعُونُ، فَإِزَالَةٌ الْمُوتَانِ مُغَيَّاةٌ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ الْأَجَلُ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ لِهَلَاكِهِمْ فَالْغَايَةُ مَنْظُورٌ فِيهَا إِلَى فِعْلِ الْكَشْفِ لَا إِلَى مَفْعُولِهِ، وَهُوَ الرِّجْزُ.
وَجُمْلَةُ: إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ جَوَابُ (لَمَّا) ، وَ (إِذَا) رَابِطَةٌ لِلْجَوَابِ لِوُقُوعِ جَوَابِ الشَّرْطِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً، فَلَمَّا كَانَ (إِذَا) حَرْفًا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْمُفَاجَأَةِ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ كَأَنَّهُ قيل فاجأوا بِالنَّكْثِ، أَيْ: بَادَرُوا بِهِ وَلَمْ يُؤَخِّرُوهُ. وَهَذَا وَصْفٌ لَهُمْ بِإِضْمَارِ الْكُفْرِ بِمُوسَى وَإِضْمَارِ النَّكْثِ لِلْيَمِينِ.
وَالنَّكْثُ حَقِيقَتُهُ نَقْضُ الْمَفْتُولِ مِنْ حَبْلٍ أَوْ غَزْلٍ، قَالَ تَعَالَى: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً [النَّحْل: 92] وَاسْتُعِيرَ النَّكْثُ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، كَمَا اسْتُعِيرَ الْحَبْلُ لِلْعَهْدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمرَان: 112] فَفِي قَوْلِهِ: يَنْكُثُونَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست