responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 67
وَ (أَلا) حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ يُفِيدُ الِاهْتِمَامَ بِالْخَبَرِ الْوَارِدِ بَعْدَهُ. تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ، وَتَعْرِيضًا بِمُشْرِكِي الْعَرَبِ.
وَالطَّائِرُ: اسْمٌ لِلطَّيْرِ الَّذِي يُثَارُ لِيُتَيَمَّنَ بِهِ أَوْ يُتَشَاءَمَ، وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِلسَّبَبِ الْحَقِّ لِحُلُولِ
الْمَصَائِبِ بِهِمْ بِعَلَاقَةِ الْمُشَاكَلَةِ لِقَوْلِهِ: يَطَّيَّرُوا فَشُبِّهَ السَّبَبُ الْحَقُّ، وَهُوَ مَا اسْتَحَقُّوا بِهِ الْعَذَابَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ بِالطَّائِرِ.
وعِنْدَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّصَرُّفِ مَجَازًا لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَصَرَّفَ فِيهِ كَالْمُسْتَقِرِّ فِي مَكَانٍ، أَيْ: سَبَبُ شُؤْمِهِمْ مُقَدَّرٌ مِنَ اللَّهِ، وَهَذَا كَمَا وَقَعَ
فِي الْحَدِيثِ: «وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ»
، فَعُبِّرَ عَمَّا قَدَّرَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ «بِطَيْرٍ» مُشَاكَلَةً لِقَوْلِهِ: «وَلَا طَيْرَ» وَمَنْ فَسَّرَ الطَّائِرَ بِالْحَظِّ فَقَدْ أَبْعَدَ عَنِ السِّيَاقِ.
وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ إِنَّما إِضَافِيٌّ أَيْ: سُوءُ حَالِهِمْ عِقَابٌ مِنَ اللَّهِ، لَا مِنْ عِنْدِ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ سَبَبَ حُلُولِ الْمَصَائِبِ بِأَهْلِ الشِّرْكِ الْمُعَانِدِينَ لِلرُّسُلِ، هُوَ شِرْكُهُمْ وَتَكْذِيبُهُمُ الرُّسُلَ: يَعْلَمُونَ ذَلِكَ بِأَخْبَارِ الرُّسُلِ، أَوْ بِصِدْقِ الْفِرَاسَةِ وَحُسْنِ الِاسْتِدْلَالِ، كَمَا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لَيْلَةَ الْفَتْحِ لَمَّا هَدَاهُ اللَّهُ «لَقَدْ عَلِمْتُ أَنْ لَوْ كَانَ مَعَهُ إِلَهٌ آخَرُ لَقَدْ أَغْنَى عَنِّي شَيْئًا» . فَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ وَأَضْرَابُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَقَائِدِ الضَّالَّةِ، فَيُسْنِدُونَ صُدُورَ الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ إِلَى أَشْيَاءَ تُقَارِنُ حُصُولَ ضُرٍّ وَنَفْعٍ، فَيَتَوَهَّمُونَ تِلْكَ الْمُقَارَنَةَ تَسَبُّبًا، وَلِذَلِكَ تَرَاهُمْ يَتَطَلَّبُونَ مَعْرِفَةَ حُصُولِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مِنْ غَيْرِ أَسْبَابِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِقْسَامُ بِالْأَزْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ.
وَجُمْلَةُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مُعْتَرِضَةٌ وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ، وَالِاسْتِدْرَاكُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ لكِنَّ عَمَّا يُوهِمُهُ الِاهْتِمَامُ بِالْخَبَرِ الَّذِي قَبْلَهُ لِقَرْنِهِ بِأَدَاةِ الِاسْتِفْتَاحِ، وَاشْتِمَالِهِ عَلَى صِيغَةِ الْقَصْرِ: مِنْ كَوْنِ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَجْهَلَهُ الْعُقَلَاءُ، فَاسْتُدْرِكَ بِأَنَّ أَكْثَرَ أُولَئِكَ لَا يَعْلَمُونَ.
فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: أَكْثَرَهُمْ عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنَّمَا نُفِيَ الْعِلْمُ عَنْ أَكْثَرِهِمْ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ قَلِيلًا مِنْهُمْ يَعْلَمُونَ خِلَافَ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُمْ يُشَايِعُونَ مقَالَة الْأَكْثَرين.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست