responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 53
وَجُمْلَةُ: قالُوا بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ: أُلْقِيَ السَّحَرَةُ لِأَنَّ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ اشْتَمَلَ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَهُمْ قَصَدُوا مِنْ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ الْإِعْلَانَ بِإِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ لِئَلَّا يَظُنَّ النَّاسُ أَنَّهُمْ سَجَدُوا لِفِرْعَوْنَ، إِذْ كَانَتْ عَادَةُ الْقِبْطِ السُّجُودَ لِفِرْعَوْنَ، وَلِذَلِكَ وَصَفُوا اللَّهَ بِأَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالْعُنْوَانِ الَّذِي دَعَا بِهِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ اسْمًا عَلَمًا لِلَّهِ تَعَالَى، إِذْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ اسْمٌ عِنْدَهُمْ، وَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِإِلَاهِيَّةِ فِرْعَوْنَ.
وَزَادُوا هَذَا الْقَصْدَ بَيَانًا بالإبدال من بِرَبِّ الْعالَمِينَ قَوْلَهُمْ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الْمُبَالَغَةُ فِي وَصْفِ فِرْعَوْنَ بِأَنَّهُ رَبُّ جَمِيعِ الْعَالَمِينَ، وَتَعَيَّنَ فِي تَعْرِيفِ الْبَدَلِ طَرِيقُ تَعْرِيفِ الْإِضَافَةِ لِأَنَّهَا أَخْصَرُ طَرِيقٍ، وَأَوْضَحُهُ هُنَا، لَا سِيَّمَا إِذَا لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ
اسْمًا عَلَمًا عَلَى الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ. وَهَذَا مَا يَقْتَضِيهِ تَعْلِيمُ اللَّهِ اسْمَهُ لِمُوسَى حِينَ كَلَّمَهُ فَقَالَ:
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ فِي سُورَةِ طه [14] . وَفِي سِفْرِ الْخُرُوجِ وَقَالَ اللَّهُ لِمُوسَى هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (يَهْوَهُ) إِلَهُ آبَائِكُمْ إِلَخِ الِاصْحَاحِ الثَّالِثِ.
وَفُصِلَتْ جُمْلَةُ: قالَ فِرْعَوْنُ لِوُقُوعِهَا فِي طَرِيقِ المحاورة.
وَقَوله: آمَنْتُمْ قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ- بِهَمْزَتَيْنِ- فَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّقَهَا، وَهُمْ: حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَرَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ، وَخَلَفٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَهَّلَ الثَّانِيَةَ مَدَّةً، فَصَارَ بَعْدَ الْهَمْزَةِ الْأُولَى مَدَّتَانِ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ: نَافِعٌ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ عَامِرٍ، وَقَرَأَهُ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ- بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ- فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ مَحْذُوفَةً وَمَا ذَلِكَ بِبِدْعٍ.
وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ وَالتَّهْدِيدِ مَجَازًا مُرْسَلًا مُرَكَّبًا، وَالْإِخْبَارُ مُسْتَعْمَلٌ كَذَلِكَ أَيْضًا لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ حَقِيقَةَ الِاسْتِفْهَامِ وَلَا حَقِيقَةَ الْإِخْبَارِ لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ صَرَّحُوا بِذَلِكَ وَعَلِمُوهُ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ عَائِدٌ إِلَى مُوسَى، أَيْ: آمَنْتُمْ بِمَا قَالَهُ، أَوْ إِلَى رَبِّ مُوسَى.
وَجُمْلَةُ: إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ إِلَخْ ... خَبَرٌ مُرَادٌ بِهِ لَازِمُ الْفَائِدَة أَي: قد عَلِمْتُ مُرَادَكُمْ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يُخْبَرُ بِشَيْءٍ صَدَرَ مِنْهُ، كَقَوْلِ عَنْتَرَةَ:
إِنْ كُنْتِ أَزْمَعْتِ الْفِرَاقِ فَإِنَّمَا ... زُمَّتْ رِكَابُكُمُ بِلَيْلٍ مُظْلِمِ
أَيْ: إِنْ كُنْتِ أَخْفَيْتِ عَنِّي عَزْمَكِ عَلَى الْفِرَاقِ فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ شَدَدْتُمْ رِحَالَكُمْ بِلَيْلٍ لِتَرْحَلُوا خُفْيَةً.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست