responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 336
وَقَدْ يَتْرُكُونَ (أَن) وَيَقُولُونَ: مَالك لَا تَفْعَلُ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمَنْفِيَّةُ بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَتَكُونُ تِلْكَ الْحَالُ هِيَ مُثِيرُ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْجَارِي عَلَى الِاسْتِعْمَالِ.
وَجَوَّزُوا أَنْ تَكُونَ مَا فِي الْآيَةِ نَافِيَة فَيكون أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اسْمَهَا ولَهُمْ خَبَرَهَا وَالتَّقْدِيرُ وَمَا عَدَمُ التَّعْذِيبِ كَائِنًا لَهُمْ.
وَجُمْلَةُ: وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
وَالصَّدُّ الصَّرْفُ، وَمَفْعُولُ يَصُدُّونَ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، أَيْ يَصُدُّونَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ فَكَانَ الصَّدُّ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ جَرِيمَةً عَظِيمَةً يَسْتَحِقُّ فَاعِلُوهُ عَذَابَ الدُّنْيَا قُبَيْلَ عَذَابِ الْآخِرَة، لِأَنَّهُ يؤول إِلَى الصَّدِّ عَنِ التَّوْحِيدِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ بَنَاهُ مُؤَسِّسُهُ لِيَكُونَ عَلَمًا عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَمَأْوًى لِلْمُوَحِّدِينَ، فَصَدُّهُمُ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ، لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِإِلَهٍ وَاحِدٍ، صَرْفٌ لَهُ عَنْ كَوْنِهِ عَلَمًا عَلَى التَّوْحِيدِ، إِذْ صَارَ الْمُوَحِّدُونَ مَعْدُودِينَ غير أهل لزيادته، فَقَدْ جُعِلُوا مُضَادِّينَ لَهُ، فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ مُضَادًّا لِلتَّوْحِيدِ وَأَهْلِهِ، وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ: وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [الْحَج: 25] ، وَالظُّلْمُ الشِّرْكُ لِقَوْلِهِ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَان: 13] .
وَهَذَا الصَّدُّ الَّذِي ذَكَرَتْهُ الْآيَةُ: هُوَ عَزْمُهُمْ عَلَى صَدِّ الْمُسْلِمِينَ الْمُهَاجِرِينَ عَنْ أَنْ يَحُجُّوا وَيَعْتَمِرُوا، وَلَعَلَّهُمْ أَعْلَنُوا بِذَلِكَ بِحَيْثُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَدْخُلُونَ مَكَّةَ. وَفِي «الْكَشَّافِ» : «كَانُوا يَقُولُونَ نَحْنُ وُلَاةُ الْبَيْتِ وَالْحَرَمِ فَنَصُدُّ مَنْ نَشَاءُ وَنُدْخِلُ مَنْ نَشَاءُ» .
قُلْتُ: وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَضِيَّةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مَعَ أَبِي جَهْلٍ فَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: «أَنَّهُ كَانَ صَدِيقًا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، وَكَانَ سعد إِذْ مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ فَقَالَ لِأُمَيَّةَ انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّي أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَخَرَجَ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ مَنْ (كُنْيَةُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ) هَذَا مَعَكَ- فَقَالَ: هَذَا سَعْدٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَلَا
أَرَاك تَطوف باليبت آمِنًا وَقَدْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست