responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 328
لِلتَّشَاوُرِ فِي ذَلِكَ بِدَارِ النَّدْوَةِ فِي الْأَيَّامِ الْأَخِيرَةِ قُبَيْلَ هِجْرَتِهِ، فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: إِذَا أصبح فأثبتوه بِالْوَثَاقِ وَسُدُّوا عَلَيْهِ بَابَ بَيْتٍ غَيْرَ كُوَّةٍ تُلْقُونَ إِلَيْهِ مِنْهَا الطَّعَامَ، وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ فِي قُرَيْشٍ فَتًى جَلْدًا فَيَجْتَمِعُونَ ثُمَّ يَأْخُذُ كُلٌّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ سَيْفًا وَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فِي بَيْتِهِ فَيَضْرِبُونَهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَا تَقْدِرُ بَنُو هَاشِمٍ عَلَى قِتَالِ قُرَيْشٍ بِأَسْرِهَا فَيَأْخُذُونَ الْعَقْلَ وَنَسْتَرِيحُ مِنْهُ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو: الرَّأْيُ أَنْ تَحْمِلُوهُ عَلَى جَمَلٍ وَتُخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِ
أَظْهُرِكُمْ فَلَا يَضُرُّكُمْ مَا صَنَعَ.
وَمَوْقِعُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَيَمْكُرُونَ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَرَّجَ عَلَى بَيَانِهِ وَهِيَ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ وَاوَ الْحَالِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَهِيَ حَالٌ مُؤَسَّسَةٌ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ، بِاعْتِبَارِ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنَ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ عَلَيْهَا، وَهِيَ جُمْلَةُ: وَيَمْكُرُ اللَّهُ فَقَوْلُهُ: وَيَمْكُرُ اللَّهُ هُوَ مَنَاطُ الْفَائِدَةِ مِنَ الْحَالِ وَمَا قَبْلَهُ تَمْهِيدٌ لَهُ وَتَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ مَكْرَهُمْ يُقَارِنُهُ مَكْرُ اللَّهِ بِهِمْ، وَالْمُضَارِعُ فِي يَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ اللَّهُ لِاسْتِحْضَارِ حَالَةِ الْمَكْرِ.
وَثَانِيهِمَا: أَنْ تَكُونَ وَاوَ الِاعْتِرَاضِ أَيِ الْعَطْفِ الصُّورِيِّ، وَيَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ الْمَعْطُوفِ الدَّوَامُ أَيْ هُمْ مكروا بك لثبتوك أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَهُمْ لَا يَزَالُونَ يَمْكُرُونَ كَقَوْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ «وَأَيْضًا لَتَمَلَّنَّهُ» يَعْنِي النَّبِيءَ، فَتَكُونُ جُمْلَةُ وَيَمْكُرُونَ مُعْتَرَضَةً وَيَكُونُ جُمْلَةُ: وَيَمْكُرُ اللَّهُ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَالْمُضَارِعُ فِي جُمْلَةِ: وَيَمْكُرُونَ لِلِاسْتِقْبَالِ وَالْمُضَارِعُ فِي وَيَمْكُرُ اللَّهُ لِاسْتِحْضَارِ حَالَةِ مَكْرِ اللَّهِ فِي وَقْتِ مَكْرِهِمْ مِثْلَ الْمُضَارِعِ الْمَعْطُوفِ هُوَ عَلَيْهِ.
وَبَيَانُ مَعْنَى إِسْنَادِ الْمَكْرِ إِلَى اللَّهِ تَقَدَّمَ: فِي آيَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [54] وَآيَةِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ [99] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.
وَالَّذِينَ تَوَلَّوُا الْمَكْرَ هُمْ سَادَةُ الْمُشْرِكِينَ وَكُبَرَاؤُهُمْ وَأَعْوَانُ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانَ دَأْبُهُمُ الطَّعْنَ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي نُزُولِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أُسْنِدَ إِلَى جَمِيعِ الْكَافِرِينَ لِأَنَّ الْبَقِيَّةَ كَانُوا أَتْبَاعًا لِلزُّعَمَاءِ يَأْتَمِرُونَ بِأَمْرِهِمْ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست