responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 302
[سُورَة الْأَنْفَال (8) : الْآيَات 20 إِلَى 23]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)
لَمَّا أَرَاهُمُ اللَّهُ آيَاتِ لُطْفِهِ وَعِنَايَتِهِ بِهِمْ، وَرَأَوْا فَوَائِدَ امْتِثَالِ أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخُرُوجِ إِلَى بَدْرٍ، وَقَدْ كَانُوا كَارِهِينَ الْخُرُوجَ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِأَنْ أَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ شُكْرًا عَلَى نِعْمَةِ النَّصْرِ، وَاعْتِبَارًا بِأَنَّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ خَيْرٌ عَوَاقِبُهُ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمر الله وَرَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي هَذَا رُجُوعٌ إِلَى الْأَمْرِ بِالطَّاعَةِ الَّذِي افْتُتِحَتْ بِهِ السُّورَةُ فِي قَوْلِهِ: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الْأَنْفَال: 1] رُجُوعُ الْخَطِيبِ إِلَى مُقَدِّمَةِ كَلَامِهِ وَدَلِيلِهِ لِيَأْخُذَهَا بَعْدَ الِاسْتِدْلَالِ فِي صُورَةِ نَتِيجَةٍ أَسْفَرَ عَنْهَا احْتِجَاجُهُ، لِأَنَّ مَطْلُوبَ الْقِيَاسِ هُوَ عَيْنُ النَّتِيجَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا ابْتَدَأَ فَأَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بَقَوْلِهِ: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الْأَنْفَال: 1] فِي سِيَاقِ تَرْجِيحِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَا تَهْوَاهُ أَنْفُسُهُمْ، وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا لِذَلِكَ بِحَادِثَةِ كَرَاهَتِهِمُ الْخُرُوجَ إِلَى بَدْرٍ فِي بَدْءِ الْأَمْرِ وَمُجَادَلَتِهِمْ لِلرَّغْبَةِ فِي عَدَمِهِ، ثُمَّ حَادِثَةِ اخْتِيَارِهِمْ لِقَاءَ الْعِيرِ دُونَ لِقَاءِ النَّفِيرِ خَشْيَةَ الْهَزِيمَةِ، وَمَا نَجَمَ عَنْ طَاعَتِهِمُ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمُخَالَفَتِهِمْ هَوَاهُمْ ذَلِكَ مِنَ النَّصْرِ الْعَظِيمِ وَالْغُنْمِ الْوَفِيرِ لَهُمْ مَعَ نَزَارَةِ الرَّزْءِ، وَمِنَ التَّأْيِيدِ الْمُبِينِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّأْسِيسِ لِإِقْرَارِ دِينِهِ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ [الْأَنْفَال: 7، 8] وَكَيْفَ أَمَدَّهُمُ اللَّهُ بِالنَّصْرِ الْعَجِيبِ لَمَّا أَطَاعُوهُ وَانْخَلَعُوا عَنْ هَوَاهُمْ، وَكَيْفَ هَزَمَ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَالْمُشَاقَّةُ ضِدُّ الطَّاعَةِ تَعْرِيضًا لِلْمُسْلِمِينَ بِوُجُوبِ التَّبَرُّؤِ مِمَّا فِيهِ شَائِبَةُ عِصْيَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِأَمْرٍ شَدِيدٍ عَلَى النُّفُوسِ أَلَا وَهُوَ إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ [الْأَنْفَال: 15] وَأَظْهَرَ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْ عَجِيبِ النَّصْرِ لَمَّا ثَبَتُوا كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ [الْأَنْفَال: 17] ، وَضَمِنَ لَهُمُ النَّصْرَ إِنْ هُمْ أَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَطَلَبُوا مِنَ اللَّهِ النَّصْرَ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِإِعَادَةِ أَمْرِهِمْ بِأَنْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست