responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 272
وَالْبَاءُ فِي بِكَلِماتِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَذِكْرُ هَذَا الْقَيْدِ لِلتَّنْوِيهِ بِإِحْقَاقِ هَذَا الْحَقِّ وَبَيَانِ أَنَّهُ مِمَّا أَرَادَ اللَّهُ وَيَسَّرَهُ وَبَيَّنَهُ لِلنَّاسِ مِنَ الْأَمْرِ، لِيَقُومَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ الْمَأْمُورِينَ بِمَا هُوَ حَظُّهُ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْأَوَامِرِ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ كَلِمَاتِ الله لَا تتخلف كَمَا قَالَ تَعَالَى: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ [الْفَتْح:
15] ، وَلِمَدْحِ هَذَا الْإِحْقَاقِ بِأَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبِ كَلِمَاتِ اللَّهِ.
وَقَطُعُ دَابِرِ الشَّيْءِ إِزَالَةُ الشَّيْءِ كُلِّهِ إِزَالَةً تَأْتِي عَلَى آخِرِ فَرْدٍ مِنْهُ يَكُونُ فِي مُؤَخِّرَتِهِ مِنْ وَرَائِهِ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [45] .
وَالْمَعْنَى: أَرَدْتُمُ الْغَنِيمَةَ وَأَرَادَ اللَّهُ إِظْهَار أَمركُم وخضذ شَوْكَةِ عَدُوِّكُمْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَحْرِمُكُمُ الْغِنَى الْعَارِضَ فَإِنَّ أَمْنَكُمْ وَاطْمِئْنَانَ بَالِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ تَحْسَبُونَ أَنْ لَا تَسْتَطِيعُوا هَزِيمَةَ عَدُوِّكُمْ.
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ لَامُ التَّعْلِيلِ. وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ أَيْ إِنَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ وَكَوَّنَ أَسْبَابَهُ بِكَلِمَاتِهِ لِأَجْلِ تَحْقِيقِهِ الْحَقَّ وَإِبْطَالِهِ الْبَاطِلَ.
وَإِذْ قَدْ كَانَ مَحْصُولُ هَذَا التَّعْلِيلِ هُوَ عَيْنَ مَحْصُولِ الْمُعَلَّلِ فِي قَوْلِهِ: وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَشَأْنُ الْعِلَّةِ أَنْ تَكُونَ مُخَالِفَةً لِلْمُعَلِّلِ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ، إِذْ فَائِدَةُ التَّعْلِيلِ إِظْهَارُ الْغَرَضِ الَّذِي يَقْصِدُهُ الْفَاعِلُ مِنْ فِعْلِهِ، فَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ لَا يَكُونَ تَعْلِيلُ الْفِعْلِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الْفِعْلِ، لِأَنَّ السَّامِعَ لَا يَجْهَلُ أَنَّ الْفَاعِلَ الْمُخْتَارَ مَا فَعَلَ فِعْلًا إِلَّا وَهُوَ مُرَادٌ لَهُ، فَإِذَا سَمِعْنَا مِنْ كَلَامِ الْبَلِيغِ تَعْلِيلَ الْفِعْلِ بِنَفْسِ ذَلِكَ الْفِعْلِ، كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ كَوْنِهِ مَا فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ إِلَّا لِذَاتِ الْفِعْلِ، لَا لغَرَض آخر عَائِد عَلَيْهِ، فَإِفَادَةُ التَّعْلِيلِ حِينَئِذٍ مَعْنَى الْحَصْرِ حَاصِلَةٌ مِنْ مُجَرَّدِ التَّعْلِيلِ بِنَفْسِ الْمُعَلَّلِ.
وَالْحَصْرُ هُنَا مِنْ مُسْتَتْبَعَاتِ التَّرْكِيبِ، وَلَيْسَ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ، فَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَقَدْ
وَقَعَتْ فِيهِ غَفَلَاتٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُعَلَّلِ وَالْعِلَّةِ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ أَيْ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إِحْقَاقَ الْحَقِّ عُمُومًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيُبْطِلَ الْباطِلَ فَهُوَ ضِدُّ مَعْنَى قَوْلِهِ: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَهُوَ مِنْ لَوَازِمِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 272
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست