responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 252
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْأَنْفَالِ اخْتِلَافًا نَاشِئًا عَنِ اخْتِلَافِ اجْتِهَادِهِمْ فِي الْمُرَادِ مِنَ الْآيَةِ، وَهُوَ اخْتِلَافٌ يُعْذَرُونَ عَلَيْهِ لِسِعَةِ الْإِطْلَاقِ فِي أَسْمَاءِ الْأَمْوَالِ الْحَاصِلَةِ لِلْغُزَاةِ، فَقَالَ
مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: النَّفَلُ إِعْطَاءُ بَعْضِ الْجَيْشِ أَوْ جَمِيعِهِ زِيَادَةً عَلَى قِسْمَةِ أَخْمَاسِهِمُ الْأَرْبَعَةِ مِنَ الْمَغْنَمِ، فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ خُمُسِ الْمَغْنَمِ الْمَجْعُولِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِخُلَفَائِهِ وَأُمَرَائِهِ جَمْعًا بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ [الْأَنْفَال: 41] الْآيَةَ فَلَا نَفَلَ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ الْمَجْعُولِ لِاجْتِهَادِ أَمِيرِ الْجَيْشِ وَعِلَّةُ ذَلِكَ تَجَنُّبُ إِعْطَاءِ حَقِّ أَحَدٍ لِغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى إِيقَادِ الْإِحَنِ فِي نُفُوسِ الْجَيْشِ، وَقَدْ يَبْعَثُ الْجَيْشَ عَلَى عِصْيَانِ الْأَمِيرِ، وَلَكِنْ إِذَا رَأَى الْإِمَامُ مَصْلَحَةً فِي تَنْفِيلِ بَعْضِ الْجَيْشٍ سَاغَ لَهُ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ الَّذِي هُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي آيَةِ الْمَغَانِمِ، لِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ التَّنْفِيلُ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمَغْنَمِ وَجَعَلَ مَا صَدَرَ مِنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنْ
قَوْلِهِ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ»
خُصُوصِيَّةً لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ طَاعَةَ النَّاسِ لِلرَّسُولِ أَشَدُّ مِنْ طَاعَتِهِمْ لِمَنْ سِوَاهُ لِأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَنِ الْجَوْرِ وَبِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، قَالَ مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّأِ» : وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ يَوْمِ حُنَيْنٍ وَلَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَعَلَاهُ فِي فُتُوحِهِمَا.
وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الْفُقَهَاءُ: فِي أَنَّ النَّفَلَ هَلْ يَبْلُغُ جَمِيعَ الْخُمُسِ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، فَقَالَ مَالِكٌ مِنَ الْخُمُسِ كُلِّهِ وَلَوِ اسْتَغْرَقَهُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: النَّفَلُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ. وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ خُمُسَ الْمَغْنَمِ أَهْوَ مُقَسَّمٌ عَلَى مَنْ سَمَّاهُ الْقُرْآنُ أَمْ مُخْتَلِطٌ، وَسَيَجِيءُ ذَلِكَ فِي آيَةِ الْمَغَانِمِ. وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي «الْمُوَطَّأ» أَنهم غَزْو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا فَأُعْطِيَ النَّفَلُ جَمِيعَ أَهْلِ الْجَيْشِ وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ يَجُوزُ التَّنْفِيلُ مِنْ جَمِيعِ الْمَغْنَمِ وَهَؤُلَاءِ يُخَصِّصُونَ عُمُومَ آيَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ [الْأَنْفَال: 41] بِآيَةِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أَيْ فَالْمَغَانِمُ الْمُخَمَّسَةُ مَا كَانَ دُونَ النَّفَلِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَسَدُّ وَأَجْرَى عَلَى الْأُصُولِ وَأَوْفَقُ بِالسُّنَّةِ، وَالْمَسْأَلَةُ تُبْسَطُ فِي الْفِقْهِ وَلَيْسَ مِنْ غَرَضِ الْمُفَسِّرِ إِلَّا الْإِلْمَامُ بِمَعَاقِدِهَا مِنَ الْآيَةِ.
وَتَفْرِيعُ فَاتَّقُوا اللَّهَ عَلَى جُمْلَةِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ لِأَنَّ فِي تِلْكَ الْجُمْلَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست