responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 219
الْمُخَاطَبِينَ مِنَ اسْتِجَابَةِ الْمَدْعُوِّينَ إِلَى مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ لَا الْإِخْبَارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَيَانِ مُتَلَازِمَيْنِ كَمَا أَنَّهُمَا فِي قَوْلِهِ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ [الْبَقَرَة: 6] مُتَلَازِمَانِ فَإِنَّ الْإِنْذَارَ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ: عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنَّ الْغَرَضَ هُنَالِكَ بَيَانُ انْعِدَامِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْهُدَى.
وَهَذَا هُوَ الْقَانُونُ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْنَدَ فِيهِ فِعْلُ التَّسْوِيةِ إِلَى جَانِبَيْنِ وَبَيْنَ مَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُسْنَدَ فِيهِ إِلَى جَانِبٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَتِ التَّسْوِيَةُ لَا تُهِمُّ إِلَّا جَانِبًا وَاحِدًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ [الطّور: 16] فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ تُجْعَلَ التَّسْوِيَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُخَاطَبِينَ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ سَوَاءٌ عَلَيْنَا- وَكَقَوْلِهِ: سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ [إِبْرَاهِيم: 21] فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ التَّسْوِيَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَوَقَعَ قَوْلُهُ: أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ مُعَادِلَ أَدَعَوْتُمُوهُمْ مَعَ اخْتِلَافِ الْأُسْلُوبِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ بِالْفِعْلِيَّةِ وَالِاسْمِيَّةِ، فَلَمْ يَقُلْ: أَمْ صَمَتُّمْ، فَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» ، عَنْ ثَعْلَبٍ: أَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ (أَيْ لِمُجَرَّدِ الرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ) قَالَ: وَصَامِتُونَ وَصَمَتُّمْ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَاحِدٌ، (أَيِ الْفِعْلُ وَالْوَصْفُ الْمُشْتَقُّ مِنْهُ سَوَاءٌ) يُرِيدُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فِي أَصْلِ الْمَعْنَى، لِأَنَّ مَا بَعْدَ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ لَمَّا كَانَ فِي قُوَّةِ الْمَصْدَرِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالِاسْمِ إِذِ التَّقْدِيرُ: سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ دَعْوَتُكُمْ إِيَّاهُمْ وَصَمْتُكُمْ عَنْهُمْ، فَيَكُونُ الْعُدُولُ إِلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لَيْسَ لَهُ مُقْتَضٍ مِنَ الْبَلَاغَةِ بَلْ هُمَا عِنْدَ الْبَلِيغِ سِيَّانَ، وَلَكِنَّ الْعُدُولَ إِلَى الِاسْمِيَّةِ مِنْ مُقْتَضَى الْفَصَاحَةِ، لِأَنَّ الْفَوَاصِلَ وَالْأَسْجَاعَ مِنْ أَفَانِينِ الْفَصَاحَةِ، وَفِيهِمَا تَظْهَرُ بَرَاعَةُ الْكَلَامِ إِذْ يَكُونُ فِيهِ إِيفَاءٌ بِحَقِّ الْفَاصِلَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنَ التَّكَلُّفِ، كَمَا تَظْهَرُ بَرَاعَةُ الشَّاعِرِ فِي تَوْفِيَتِهِ بِحَقِّ الْقَافِيَةِ إِذَا سَلَمَ مَعَ ذَلِكَ مِنَ التَّكَلُّفِ، قَالَ الْمَرْزُوقِيُّ فِي دِيبَاجَةِ «شَرْحِهِ عَلَى الْحَمَاسَةِ» «وَالْقَافِيَةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ كَالْمَوْعُودِ بِهِ الْمُنْتَظَرِ يَتَشَوَّقُهَا الْمَعْنَى بِحَقِّهِ، وَاللَّفْظُ بِقِسْطِهِ، وَإِلَّا كَانَتْ قَلِقَةً فِي مَقَرِّهَا مُجْتَلَبَةً لِمُسْتَغْنٍ عَنْهَا» .
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ دَلَّتْ عَلَى ثُبُوتِ الْوَصْفِ الْمُتَضَمَّنِهِ، مَعَ عَدَمِ تَقْيِيدٍ بِزَمَانٍ وَلَا إِفَادَةِ تَجَدُّدٍ، بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ، وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي «دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ» ، وَالسَّكَاكِيِّ فِي «الْمِفْتَاحِ» ، لَكِنَّ كَلَامَ الزَّمَخْشَرِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يُنَادِي

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست