responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 111
لَا يُفِيدُ سَامِعَهُ، وَلَا يُبَيِّنُ خِطَابًا، وَلَيْسَ هُوَ بِالَّذِي يَهْدِيهِمْ إِلَى أَمْرٍ يَتَّبِعُونَهُ حَتَّى تُغْنِيَ هِدَايَتُهُمْ عَنْ كَلَامِهِ، فَهُوَ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ الْمُنْحَطَّةِ عَنْهُمْ، وَهَذَا كَقَوْل إِبْرَاهِيم فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ [الْأَنْبِيَاء: 63] فَمَاذَا رَأَوْا مِنْهُ مِمَّا يَسْتَأْهِلُ الْإِلَهِيَّةَ، فَضْلًا عَلَى أَنْ تَرْتَقِيَ بِهِمْ إِلَى الصِّفَاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا الْإِلَهُ الْحَقُّ، وَالَّذِينَ عَبَدُوهُ أَشْرَفُ مِنْهُ حَالًا وَأَهْدَى، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْأُلُوهِيَّةِ بِالتَّكْلِيمِ وَالْهِدَايَةِ، وَإِلَّا لَلَزِمَ إِثْبَاتُ الْإِلَهِيَّةِ لِحُكَمَاءِ الْبَشَرِ.
وَجُمْلَةُ: اتَّخَذُوهُ مُؤَكِّدَةٌ لِجُمْلَةِ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ، وَالْغَرَضِ مِنَ التَّوْكِيدِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ هُوَ التَّكْرِيرُ لِأَجْلِ التَّعْجِيبِ، كَمَا يُقَالُ: نَعَمِ اتَّخَذُوهُ، وَلِتُبْنَى عَلَيْهِ جُمْلَةُ وَكانُوا ظالِمِينَ فَيَظْهَرُ أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِاتِّخَاذِ الْعِجْلِ، وَذَلِكَ لِبُعْدِ جُمْلَةِ: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى بِمَا وَلِيَهَا مِنَ الْجُمْلَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ- إِلَى قَوْله- فَلْيَكْتُبْ [الْبَقَرَة: 282] أُعِيدَ فَلْيَكْتُبْ لِتُبْنَى عَلَيْهِ جُمْلَةُ: وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ [الْبَقَرَة:
282] ، وَهَذَا التَّكْرِيرُ يُفِيدُ مَعَ ذَلِكَ التَّوْكِيدَ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّوْكِيدِ.
وَجُمْلَةُ: وَكانُوا ظالِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فِي قَوْلِهِ:
اتَّخَذُوهُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [51] ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ.
[149]

[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 149]
وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (149)
كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ فِي تَرْتِيبِ حِكَايَةِ الْحَوَادِثِ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَوْلُهُ: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ الْآيَة، عَن قَوْله: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً [الْأَعْرَاف: 150] لِأَنَّهُمْ
مَا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ إِلَّا بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مُوسَى وَرَأَوْا فَرْطَ غَضَبِهِ وَسَمِعُوا تَوْبِيخَهُ أَخَاهُ وَإِيَّاهُمْ، وَإِنَّمَا خُولِفَ مُقْتَضَى التَّرْتِيبِ تَعْجِيلًا بِذِكْرِ مَا كَانَ لِاتِّخَاذِهِمُ الْعِجْلَ مِنْ عَاقِبَة الندامة وَتبين الضَّلَالَةِ، مَوْعِظَةٌ لِلسَّامِعِينَ لِكَيْلَا يَعْجَلُوا فِي التَّحَوُّلِ عَنْ سُنَّتِهِمْ، حَتَّى يَتَبَيَّنُوا عَوَاقِبَ مَا هُمْ مُتَحَوِّلُونَ إِلَيْهِ.
وسُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، كَلِمَةٌ أَجْرَاهَا الْقُرْآنُ مجْرى الْمثل إِذا أُنْظِمَتْ عَلَى إِيجَازٍ بَدِيعٍ وَكِنَايَةٍ وَاسْتِعَارَةٍ، فَإِنَّ الْيَدَ تُسْتَعَارُ لِلْقُوَّةِ وَالنُّصْرَةِ إِذْ بِهَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست