responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 89
وَمَعْنَى عُثِرَ اطَّلَعَ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ، وَأَصْلُ فِعْلِ عَثَرَ أَنَّهُ مُصَادَفَةُ رِجْلِ الْمَاشِي جِسْمًا نَاتِئًا فِي الْأَرْضِ لَمْ يَتَرَقَّبْهُ وَلَمْ يَحْذَرْ مِنْهُ فَيَخْتَلُّ بِهِ انْدِفَاعُ مَشْيِهِ، فَقَدْ يَسْقُطُ وَقَدْ يَتَزَلْزَلُ.
وَمَصْدَرُهُ الْعِثَارُ وَالْعُثُورُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الظَّفَرِ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ مُتَرَقَّبًا الظَّفَرُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ. وَشَاعَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ كَالْحَقِيقَةِ، فَخَصُّوا فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ بِأَحَدِ الْمَصْدَرَيْنِ وَهُوَ الْعِثَارُ، وَخَصُّوا الْمَعْنَى الْمَجَازِيَّ بِالْمَصْدَرِ الْآخَرِ، وَهُوَ الْعُثُورُ.
وَمَعْنَى اسْتَحَقَّا إِثْماً ثَبَتَ أَنَّهُمَا ارْتَكَبَا مَا يَأْثَمَانِ بِهِ، فَقَدْ حُقَّ عَلَيْهِمَا الْإِثْمُ، أَيْ وَقَعَ عَلَيْهِمَا، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلتَّأْكِيدِ. وَالْمُرَادُ بِالْإِثْمِ هُوَ الَّذِي تَبَرَّءَا مِنْهُ فِي قَوْلِهِ: لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ. فَالْإِثْمُ هُوَ أَحَدُ هَذَيْنِ بِأَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُمَا اسْتَبْدَلَا بِمَا اسْتُؤْمِنَا عَلَيْهِ عِوَضًا لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا، أَوْ بِأَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُمَا كَتَمَا الشَّهَادَةَ، أَيْ بَعْضَهَا. وَحَاصِلُ الْإِثْمِ أَنْ يَتَّضِحَ مَا يَقْدَحُ فِي صِدْقِهِمَا بِمُوجِبِ الثُّبُوتِ.
وَقَوْلُهُ فَآخَرانِ أَيْ رَجُلَانِ آخَرَانِ، لِأَنَّ وَصْفَ آخَرَ يُطْلَقُ عَلَى الْمُغَايِرِ بِالذَّاتِ أَوْ بِالْوَصْفِ مَعَ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسِ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُ، وَالْمُتَحَدَّثُ عَنْهُ هُنَا اثْنانِ. فَالْمَعْنَى فَاثْنَانِ آخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا فِي إِثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ. وَمَعْنَى يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا، أَيْ يُعَوِّضَانِ تِلْكَ الشَّهَادَةَ. فَإِنَّ الْمَقَامَ هُوَ مَحَلُّ الْقِيَامِ، ثُمَّ يُرَادُ بِهِ مَحَلُّ عَمَلٍ مَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِيَامٌ، ثُمَّ يُرَادُ بِهِ الْعَمَلُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ يَقُومُ فِيهِ الْعَامِلُ، وَذَلِكَ فِي الْعَمَلِ الْمُهِمِّ.
قَالَ تَعَالَى: إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي [يُونُس: 71] . فَمَقَامُ الشَّاهِدَيْنِ هُوَ إِثْبَاتُ الْوَصِيَّةِ. ومِنَ فِي قَوْلِهِ: مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ تَبْعِيضِيَّةٌ، أَيْ شَخْصَانِ آخَرَانِ يَكُونَانِ مِنَ الْجَمَاعَةِ مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمْ.
وَالِاسْتِحْقَاقُ كَوْنُ الشَّيْءِ حَقِيقًا بِشَيْءٍ آخَرَ، فَيَتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُولِ بِنَفْسِهِ، كَقَوْلِهِ:
اسْتَحَقَّا إِثْماً، وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ. وَإِذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ عَنْ نِزَاعٍ يُعَدَّى الْفِعْلُ إِلَى المحقوق بعلى الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِعْلَاءِ بِمَعْنَى اللُّزُومِ لَهُ وَإِنْ كُرِهَ، كَأَنَّهُمْ ضَمَّنُوهُ مَعْنَى

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست