responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 82
وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَى أنّ الْفَرِيقَيْنِ تفاضوا فِي ذَلِكَ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ، فَحَلَفَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ عَلَى أَنَّ تَمِيمًا وَعَدِيًّا أَخْفَيَا الْجَامَ وَأَنَّ بُدَيْلًا صَاحِبُهُ وَمَا بَاعَهُ وَلَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ. وَدَفَعَ لَهُمَا عَدِيٌّ خَمْسَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ نَصْرَانِيٌّ. وَعَدِيٌّ هَذَا قِيلَ: أَسْلَمَ، وَعَدَّهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَنْدَهْ فِي عِدَادِ الصَّحَابَةِ، وَقِيلَ: مَاتَ نَصْرَانِيًّا، وَرَجَّحَ ذَلِكَ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي نُعَيْمٍ، وَيُرْوَى عَنْ مُقَاتِلٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الصَّحَابَةِ. وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهَا قَبْلَ التَّرَافُعِ بَيْنَ الْخَصْمِ فِي قَضِيَّةِ الْجَامِ، وَأَنْ يَكُونَ نُزُولُهَا بَعْدَ قَضَاء النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ لِتَكُونَ تَشْرِيعًا لِمَا يَحْدُثُ مِنْ أَمْثَالِ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ.
وبَيْنِكُمْ أَصْلُ (بَيْنَ) اسْمُ مَكَانٍ مُبْهَمٍ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُبَيِّنُهُ مَا يُضَافُ هُوَ إِلَيْهِ، وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي الْأَمْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِعِدَّةِ أَشْيَاءَ، وَهُوَ مَجْرُورٌ بِإِضَافَةِ شَهادَةُ إِلَيْهِ عَلَى الِاتِّسَاعِ. وَأَصْلُهُ (شَهَادَةٌ) بِالتَّنْوِينِ وَالرَّفْعِ «بَيْنَكُمْ» بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. فَخَرَجَ (بَيْنَ) عَنِ الظَّرْفِيَّةِ إِلَى مُطْلَقِ الِاسْمِيَّةِ كَمَا خَرَجَ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ [الْأَنْعَام: 94] فِي قِرَاءَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعَشَرَةِ بِرَفْعِ بَيْنِكُمْ.
وَارْتَفَعَ شَهادَةُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ اثْنانِ. وإِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ظَرْفُ زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٌ. وَلَيْسَ فِي (إِذَا) مَعْنَى الشَّرْطِ، وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِ شَهادَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ، أَيْ لِيُشْهِدْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ اثْنَانِ، يَعْنِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُشْهِدَ بِذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَشْهَدَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا مَا دُعُوا [الْبَقَرَة: 282] .
وحِينَ الْوَصِيَّةِ بَدَلٌ مِنْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ بَدَلًا مُطَابِقًا، فَإِنَّ حِينَ حُضُورِ الْمَوْتِ هُوَ الْحِينُ الَّذِي يُوصِي فِيهِ النَّاسُ غَالِبًا. جِيءَ بِهَذَا الظَّرْفِ الثَّانِي لِيُتَخَلَّصَ بِهَذَا الْبَدَلِ إِلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ.
وَقَدْ كَانَ الْعَرَبُ إِذَا رَأَوْا عَلَامَةَ الْمَوْتِ عَلَى الْمَرِيضِ يَقُولُونَ: أَوْصِ، وَقَدْ قَالُوا ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ أَخْبَرَ الطَّبِيبُ أَنَّ جُرْحَهُ فِي أَمْعَائِهِ. وَمَعْنَى حُضُورِ الْمَوْتِ حُضُورُ عَلَامَاتِهِ لِأَنَّ تِلْكَ حَالَةٌ يَتَخَيَّلُ فِيهَا الْمَرْءُ أَنَّ الْمَوْتَ قَدْ حَضَرَ عِنْدَهُ لِيُصَيِّرَهُ مَيِّتًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حُصُولَ الْغَرْغَرَةِ لِأَنَّ مَا طُلِبَ مِنَ الْمُوصِي

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست