responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 67
التَّصْرِيفِ أَنْ يَكُونَ (أَشْيَاءُ) جَمْعًا وَأَنَّ هَمْزَتَهُ الْأُولَى هَمْزَةٌ مَزِيدَةٌ لِلْجَمْعِ. إِلَّا أَنَّ (أَشْيَاءَ) وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ هُنَا مَمْنُوعًا مِنَ الصَّرْفِ، فَتَرَدَّدَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، وَأَمْثَلُ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْكِسَائِيِّ: إِنَّهُ لَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْكَلَامِ أَشْبَهَ (فَعْلَاءَ) ، فَمَنَعُوهُ مِنَ الصَّرْفِ لِهَذَا الشَّبَهِ، كَمَا مَنَعُوا سَرَاوِيلَ مِنَ الصَّرْفِ وَهُوَ مُفْرَدٌ لِأَنَّهُ شَابَهَ صِيغَةَ الْجَمْعِ مِثْلَ مَصَابِيحَ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: (أَشْيَاءُ) اسْمُ جَمْعِ (شَيْءٍ) وَلَيْسَ جَمْعًا، فَهُوَ مِثْلُ طَرْفَاءَ وَحَلْفَاءَ فَأَصْلُهُ شَيْئَاءُ، فَالْمَدَّةُ فِي آخِرِهِ مَدَّةُ تَأْنِيثٍ، فَلِذَلِكَ مُنِعَ مِنَ الصَّرْفِ، وَادَّعَى أَنَّهُمْ صَيَّرُوهُ أَشْيَاءَ بِقَلْبٍ مَكَانِيٍّ. وَحَقُّهُ أَنْ يُقَالَ: شَيْئَاءُ بِوَزْنِ (فَعْلَاءَ) فَصَارَ بِوَزْنِ (لَفْعَاءَ) .
وَقَوْلُهُ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ صِفَةُ أَشْياءَ، أَيْ إِنْ تَظْهَرْ لَكُمْ وَقَدْ أُخْفِيَتْ عَنْكُمْ يَكُنْ فِي إِظْهَارِهَا مَا يَسُوءُكُمْ، وَلَمَّا كَانَتِ الْأَشْيَاءُ الْمَسْئُولُ عَنْهَا مِنْهَا مَا إِذَا ظَهَرَ سَاءَ مَنْ سَأَلَ عَنْهُ وَمِنْهَا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَانَتْ قَبْلَ إِظْهَارِهَا غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَانَ السُّؤَالُ عَنْ مَجْمُوعِهَا مُعَرَّضًا لِلْجَوَابِ بِمَا بَعْضُهُ يَسُوءُ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْبَعْضُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لِلسَّائِلِينَ كَانَ سُؤَالُهُمْ عَنْهَا سُؤَالًا عَنْ مَا إِذَا ظَهَرَ يَسُوءُهُمْ، فَإِنَّهُمْ سَأَلُوا فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ أَسْئِلَةً مِنْهَا: مَا سَرُّهُمْ جَوَابُهُ، وَهُوَ سُؤَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ عَنْ أَبِيهِ فَأُجِيبَ بِالَّذِي يُصَدِّقُ نَسَبَهُ، وَمِنْهَا مَا سَاءَهُمْ جَوَابُهُ، وَهُوَ سُؤَالُ مَنْ سَأَلَ أَيْنَ أَبِي، أَوْ أَيْنَ أَنَا فَقِيلَ لَهُ: فِي النَّارِ، فَهَذَا يَسُوءُهُ لَا
مَحَالَةَ. فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ: إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ رُوعِيَ فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْمَجْمُوعِ لِكَرَاهِيَةِ بَعْضِ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا اسْتِئْنَاسُهُمْ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ نَحْوِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَإِلَّا فَإِنَّ النَّهْيَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِحَالِ مَا يَسُوءُهُمْ جَوَابُهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ عَفَا اللَّهُ عَنْها. لِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ ذَنْبٍ وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلصِّفَةِ هُنَا لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِ مَا يَسُوءُ عَمَّا لَا يَسُوءُ.
وَجُمْلَة وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَطْفٌ عَلَى جملَة لَا تَسْئَلُوا، وَهِيَ تُفِيدُ إِبَاحَةَ السُّؤَالِ عَنْهَا عَلَى الْجُمْلَةِ لقَوْله: وَإِنْ تَسْئَلُوا فَجَعَلَهُمْ مُخَيَّرِينَ فِي السُّؤَالِ عَنْ أَمْثَالِهَا، وَأَنَّ تَرْكَ السُّؤَالِ هُوَ الْأَوْلَى لَهُمْ، فَالِانْتِقَالُ إِلَى الْإِذْنِ رُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ، وَجَاءَ بِ إِنْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ السُّؤَالِ عَنْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي (إِنْ) أَنْ تَدُلَّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ نَادِرُ الْوُقُوعِ أَوْ مَرْغُوبٌ عَنْ وُقُوعِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست